يونيو 27، 2009

المولوية - الجيلانية

مولانا جلال الدين الرومي

الرقص الطقوسي : " هو الرقص الذي يؤدى وفقا لشعائر أو مبادئ معينة وتصاحبه أعمال وأدوات تقليدية ، ومنه الرقص الديني ، والجنائزي " .
في المسيحية وكما هو متعارف عليه ثمة رقصات عدة تقام كطقوس دينية لذكرى مريم العذراء أو المسيح بل وفي بعض الاحتفالات تشارك الراهبات بأنفسهن في تلك الطقوس فيدرن ويدرن مضمومات إلى بعضهن . عند اليهود الذكر بالرقص والمزمار والدفوف حيث ورد ذلك فى " العهد القديم " المزمار 149 " ليبتهج بنى صهيون بملكهم ليسبحوا اسمه برقص بدف وعود , ليرنموا , هللو يا , سبحوا الله في قدسه , سبحوه برباب وعود , سبحوه بدف ورقص , سبحوه بأوتار ومزمار , سبحوه بصنوج الهتاف "

قد يكون شيء من هذه الطقوس وغيرها قد انتقلت إلى المتصوفة الذين اختزلوا الكثير والمركز من كل دين .الرقص الصوفي متصل بفكرة حركة الجسم الإيقاعية كنوع من التسبيح بحمد الله . يمثل الرقص عند الصوفي ما يمثله قبول باطنه اللاوعي للعبور إليه .. تسبيح وابتهال الروح في موجتها البعيدة .. والشفافة .

تقول إكرام الأشقر في كتابها " الرقص لغة الجسد " :

" الرقص الصوفي هو ذاكرة النفس المضيئة , لأنه ليس مجموعة حركات تم ضبطها وتنظيمها من الخارج , بل هي مرتبطة بفاعلية الكائن الأسمى , وهو يؤكد على تلاحم وتفاعل كل المعاني المؤكدة لإنسانية الإنسان ماضيا وحاضرا ومستقبلا .الرقص الصوفي هو محاولة حماية الجسد وتحصينه وتطهيره والوصول به إلى التطهير / الكتارسيس ، من كل ماهو مادي يغلق على النفس " .

المولوية هي : احدى الطرق الصوفية التي تميزت بفنون الموسيقى والرقص . أتباع هذه الطريقة يسمون بـ " الدراويش الراقصين " . المولوين هم أول من أدخل الموسيقى والرقص كفن منتظم في حفلات الغناء والسماع الصوفي . بقدرة عجيبة في آداء تلك الطقوس . التي تبدأ بالتفافهم على شكل حلقة كبيرة لابسين الـ " لبدة " وهي قبعات طويلة يسمونها " الكلاه " . يلبسون الأبيض عادة وينتعلون نعالان من الجلد .يرتكز الدوران عند المولوي المتمرس على إبهام قدمه .. تزداد سرعته بخفة حتى تنفتح تنورته . يرافق هذا الدوران انغام جميلة على الناي وهم يرددون بصوات واحد بعض الأذكار .

تقول الـ أ.د/هدى درويش في وصف رقص المولوية :

" اشتهرت الطريقة المولوية بما يعرف بالرقص الدائرى لمدة ساعات طويلة يدور الراقصون حول مركز الدائرة التى يقف فيها الشيخ ، ويندمجون فى مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحى فيتخلصون من المشاعر النفسانية ويستغرقون فى وجد كامل يبعدهم عن العالم المادى ويأخذهم إلى الوجود الإلهى كما يرون . اشتهرت الطريقة المولوية بالنغم الموسيقى عن طريق الناى ، وكان مولانا يرى فيه وسيلة للجذب الإلهى ، ويعتبره أكثر الآلآت الموسيقية ارتباطا بعازفه ، ويشبه انينه بأنين الإنسان للحنين إلى الرجوع إلى أصله السماوى فى عالم الأزل .لاتزال الطريقة المولوية مستمرة حتى يومنا هذا فى مركزها الرئيسى فى قونية . ويوجد لها مراكز أخرى فى استنابول ، وغاليبولى ، وحلب ، ورغم منع الحكومة التركية كل مظاهر التصوف إلا أن الجهات الرسمية فى تركيا تستخدم مراسم المولوية كجزء من الفولكلور التركى . ويحضر جلسات ذكر المولوية كل من يريد من كل الأجناس ومع كل الأديان ويلقى الجميع تسامحا ملحوظا من المولويين " .

أما إكرام الأشقر فتقول في كتابها عن طريقتهم في الدوران ووضع أكفهم على أكتاف بعضهم : " يمكن أن يقال بشيء من التجاوز إن التصوف قد عرف شيئا قريب الشبه برقص الباليه الحديث باعتباره معاني حركية تحكي قصصا رمزيا أو واقعيا " .
هناك نوعين من طقوس الرقص لدى المتصوفة :

الطقس الأول : " السماع " وهو مرتبط بالصوت / الموسيقى .

الطقس الثاني هو : " الذكر " وهو مرتبط باستخدام الكلام واالحركة .

عرفت المستشرقة الفرنسية المعاصرة " ايفا دي فيتراي " في كتابها " جلال الدين الرومي و التصوف " طقس السماع بقولها :

" يعد السماع ، أو الرقص الكوني للدراويش الدوارين ، من أشهر فنون الطريقة المولوية . وهو طقس له رمزيته ، فالثياب البيض التي يرتديها الراقصون ترمز إلى الأكفان ، والمعاطف السود ترمز إلى القبر ، وقلنسوة اللباد ترمز إلى شاهدة القبر ، والبساط الأحمر يرمز إلى لون الشمس الغاربة ، والدورات الثلاث حول باحة الرقص ترمز إلى المراحل الثلاث في التقرب إلى الله ، وهي طريق العلم ، والطريق إلى الرؤية والطريق المؤدي إلى الوصال . وسقوط المعاطف السود يعني الخلاص ، والتطهر من الدنيا ، وتذكر الطبول بالصور يوم القيامة . ودائرة الراقصين تقسم على نصفي دائرة ، يمثل أحدهما قوس النزول أو انغماس الروح في المادة ، ويمثل الآخر قوس الصعود ، أي صعود الروح إلى بارئها . ويمثل دوران الشيخ حول مركز الدائرة الشمس وشعاعها ، أما حركة الدراويش حول الباحة فتمثل القانون الكوني ، ودوران الكواكب حول الشمس وحول مركزها " .

يلعب الرقص عند الدراويش المولوية دورًا هامًا كوسيلة من وسائل التقرب إلى الله - تعالى - ، ومن ثَم فهو يفي بصفة العبادة كسمة أولية من سمات الفن الإسلامي .

وابتداع رقصتهم المشهورة باسم " السما " مولانا جلال الدين الرومي الشاعر الصوفي الشهير ، وتستخدم الموسيقى والدفوف لإعطاء الإيقاع السمعي المصاحب وكل حركات الرقصة ذات معانٍ رمزية مركبة أما طقس الذكر فكتب عنه الصحفي " لي أرينتوفت " مقالة لميدل إيست تايمز بعنوان " الصوفية يبحثون عن الاتحاد بالله عن طريق الذكر " : " في كل سبت عند الساعة الثامنة يؤدي دراويش المولوية عرضهم المؤثر في خان الخليلي . حيث يبدأ الموسيقيون وهم مرتدين جلابياتهم البيضاء بعزف موسيقاهم والراقص يدور حولهم . الذي لا تبدو عليه الدوخة بالرغم من اللف لمدة نصف ساعة على نفسه . وعيناه مغلقتان أو رافعهما للسقف ، حيث يبدو أنه في عالم آخر . وإضافة إلى أنهم يؤدون عرضاً ممتعاً للأجانب والمواطنين أيضاً فالدراويش في واقع الأمر يؤدون ، " الذكر " وهو من الطقوس الصوفية المهمة . ويبدأ موسيقيو الحفل بالعزف البطيء لنغمة واحدة بينما المغني يصف الحب الإلهي وحياة الأولياء . وبعد قليل يمتلئ المكان الضيق أمام الموسيقيون بالناس ، بعضهم جالس يستمع باهتمام للتراتيل ، والآخرون واقفون يتمايلون ببط مع الموسيقى ، وأعينهم مغلقة يبدءون بإمالة رؤوسهم ببطء من جانب لآخر ، وحالما تبدأ وتيرة الموسيقى بالارتفاع تبدأ حركتهم بالزيادة المطردة . وكل هذه الطقوس تأخذ مدة ساعتين ، حيث في نهايتها يدير المشاركين أجسادهم بكل وحشية تستغرب معها كيف أنهم لا يقعون أرضاً ، وخصوصاً لا يبدو على أحد منهم أنه يشعر بالعالم المادي حولهم . وهم بإغلاق أعينهم وتغطية وجوههم بغطاء الرأس أو بالشال ، يحاولون إغلاق أي شد لانتباههم أو إزعاج يأخذهم من مواصلة عالمهم الذي هم فيه . الرقصة مبنية على حركات تكرر مرات ومرات حتى تبعث على النشوة . وفي نفس الوقت هذه الحركات اللاإرادية محاطة بجو روحاني ، والذي لا يسهل فهمه للأجنبي . وربما أقرب مقارنة لذلك في رأيي أستطيع أن أقوله للأوربيين هو أنه مثل حالة الشعور بالنشاط والخفيّــة في حالة الهيجان . وفي نهاية الساعتين ينهار على الأرض العديد من الراقصين في حالة وجد صوفي ونشوة وابتهاج ، ويبدو للحظات أنهم في عالم خاص بهم . وهذا الأمر لا يثير أي استغراب للواقفين الذين يستمرون بالترتيل معاً بحميمية ، وبكل لطف يقودون الراقصين المنهارين خارج وسط الدائرة . ويشارك النساء جنباً إلى جنب مع الرجال في الذكر ، وأحياناً ينضم إليهم بعض الأطفال . إن الذكر هو أهم طقس في التصوف ، وهدفه تذكير المسلم بالله وبوجوده . ويمكن الرقص المشارك من الوصول إلى حالة وجد صوفي بوجوده ، وباتحاده بالله ، وأنه مملوء بحب الله " .

إن الذكر يمد المولوية بفرصة التعبير وتمتين استقامة وعيهم بحقيقة أن الله هو الخالق ومكانهم بين الخلق ، وأنهم يعتمدون على رحمة الله لوجودهم ، وأخيراً ينشئ الذكر فيهم عادة الاستذكار ، وهذه العادة هي اللغة التي تحب اتخاذها أجسادهم كارتياح الطفل بترديده لها . حيث يمنحهم الذكر لإنشاء عادة في أجسادهم تحيي قلوبهم بمستوى عميق و للإعلان عن بدء الذكر ينشد المولوية الصلاة الكمالية ، وهي نوع من الصلوات التي يسألون الله فيها أن يرسل صلاته ورحمته على النبي المقدس محمد .

الافتتاح : " دستور " يبدئون بطلبهم من شيخهم الولي الإذن ببدء الذكر ثم يبدئون بترديد بسم الله الرحمن الرحيم وهم يهتزون للأمام والخلف .. إذ أنه يوجد حركات معينة ترافق ترديدهم لكلمات الذكر .. وهذه مبنية على حركات موجودة في الطبيعة .. وطريقة حركاتهم مبنية على كيفية تحرك الرسل ، وكمثال نجد أنه لدى اليهود حركات يهتزون بها للأمام والخلف عند صلواتهم مثلما يفعل المولوية – الصوفية – عند الذكر .. وحركاتنا تجمع كل حركات الأديان ، والتي هي في الحقيقة دين واحد .

يقول المولوية إننا في البدء كنا مع الله ، ثم هبطنا إلى هذا العالم المادي مع وعدنا لله بأننا سنتذكره . ولكن في هذا العالم المادي نسينا خالقنا ، وعندما نلاحظ هذا نسأل الله المغفرة . وهو يرينا كيف نعود إليه . فالذكر هو صعودنا لله .

بعد الافتتاح يسألون الإذن مرة أخرى بترديد لا إله إلا الله مع حركة يتمايلون فيها من جانب لآخر ، مع إدارة الرأس يمنة ويساراً .. وهذه الحركة أتت من شعر يوسف إمري الشاعر الصوفي مع المصادر الأخرى .. و يقولون : لا إله .. وهم يديرون رؤوسهم لليمين ، وهذه الحركة تمثل النفس والجسد والعالم المادي . ثم يقولون : إلا الله .. وهم يديرون رؤوسهم لليسار ، جهة القلب حيث يوجد الجوهر الإلهي فيهم .. الظهور ليس الله بل الجوهر هو الله .. وفي طريقة أخرى – للذكر – يبدئون لا إله إلا الله بتحركهم لليمين ثم للأمام ثم لليسار ثم للأمام " المركز " .. إذ أن هذا التكرار يمثل حقل القمح تهزه الريح .. وفي عودتهم للأمام – المركز – كقولهم : " إن كل شيء ينتهي بهم .. وبالطبع أن الله في كل مكان ، ولا نحتاج للنظر خارجاً لكي نجده ، إذ يمكننا أن نجده في ذاتنا " ، الله .. الله .. مع حركة واحدة للرأس من اليمين لليسار مع نَـفَـسٌ قصير بين كلمتي الله .. وهذه الحركة أتت كمثال لحركة صوت المنشار ، وهي مبنية على قصة نبي الله زكريا لما طورد صاح بشجرة كي تخفيه ، فانفتحت الشجرة فدخلها ، ولكنه أُكتشِـف من قِبَل مطارديه ، وحالما بدئوا بنشر الشجرة من وسطها ، عرف زكريا خطأه ، إذ أنه كان عليه أن يلتجئ إلى الله لينجيه .. وكلما اقترب منه المنشار أقرب وأقرب ، كان يردد الله .. الله .. لهذا ترديدهم لكلمة الله في الذكر ، تذكرهم بطلب اللجوء لله فقط ، الله هو .. هو الله .. ثم ينبدئون بتحريك الجذع بحركة دائرية .. وهذه تمثل حركة الملائكة حول العرش .. وكل هذه الحركات تؤدى في وضع الجلوس ، ثم يقفون لأن الله قال في القرآن : " الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار " ، الله .. الله حق .. ثم يركعون مع تحريك الجذع لليمين ثم للوسط ثم لليسار ، وهذه مثل الحركة السابقة وتمثل ضمهم حقل القمح .. يا حي .. وهنا يشبكون الأيادي ليشكلوا دائرة ، لتزيد من اتحادهم مع الله .. ولكن شبك الأذرعة يكون للرجال والنساء كل على حدة في دائرة منفصلة ، لتزداد طاقة كل فرد مع المجموعة .. وإذا كان هنالك حب في قلب أحد ما ، ستستفيد من ذلك الحب .. إذ الحركة الجماعية تعطي قوة أكثر .. الله حي .. يا قيوم .. ثم يديرون كل الجسم مع تثبيت القدمين تماماً ، وعند قولهم الله حي يدورون لليمين ، وعند يا قيوم يدورون لليسار .. إذ أن الله في كل اتجاه .. وفي كل حركات الجسم هذه يحاولون إنشاء لغة للجسم .. وكل الذي يريدون فعله هو تأدية الذكر بالجسد والقلب والروح والذهن .. وكل مرة تؤدي الذكر يجب عليك أن تفعل كل ذلك بكلِّـيَّــتِـك .. يا ودود .. يا سلام .. مع تأدية نفس الحركة كما مر معنا من قبل ، وهنا ينشط الحب الإلهي والسلام في الكون .. في هذا العالم الحب والسلام لا يجتمعان عادة ، إذ أنهما لا يجتمعان معاً إلا إذا كانت النفس غير موجودة .. عند وجود الحب تكون النار والإحباط والخيبة والتوقع .. فقط الحب والسلام الإلهي يجتمعان .. وهذا ما يحاولون جذبه للكون بإذن الله .. هو .. إن كلمة هو تعود إلى الله ، وهي بالعربية تعني شخص ثالث فرد ليس بذكر أو أنثى .. إذ بعد هذا الذكر يتعب الناس ، ومع كلمة هو يرتاحون .. وفي نفس الوقت كلمة هو تختصر كل شيء .. وفي هذه اللحظة ، ينشدون أغنية يرسلون بها السلام لسلسلة أوليائهم " الشيخ وذريته " .. وهنا يذهب الولي لوسط الحلقة ليدو ويخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهم يرسلون السلام في كل الاتجاهات .. ثم ينهون الذكر . وبعد الذكر يؤدون دعاء ، حيث يتأسوا بالرسول صلى الله عليه وسلم . إذ أن الله سأله ماذا يريد .. فسأل الله أن يغفر للناس .. ثم سأله الله ماذا يريد لنفسه .. فسأل الله أن لا يخرجه من خدمته – كما يقول المسيحيون - يقصد طاعته .. " إن الله يريدنا أن ندعوه لأنه يريد أن يعطينا شيئاً ما .. وبدعائنا نؤكد بأن الله هو الرب ولسنا نحن .. وبهذه الطريقة نعود لنكون عبيده .. لقد قال الله ارجع لنعود ، إذ أننا رحلنا إلى الله خلال الذكر ، وهو يريدنا أن نعود لهذا العالم .. إنها مشيئة الله لنكون في هذه الأجساد ، نعبد الله في هذا العالم ، في الأغاني والدوران والصلوات " .

إن بعض الدراويش يدورون خلال الذكر ، والدوران لم يبدأ مع دراويش المولوية ، بل مع شمس الذي كان تلميذاً لعبد القادر الجيلاني .. الذي لبس اللون القادري الأخضر وبدأ يدور .. ومنذ البدء وهم يدورون .. والسجود أيضاً جزء من الذكر ، ولأن الله أمرهم بالسجود فهم يسجدون لإظهار التبجيل في كل الأوقات المختلفة خلال حفلة الذكر .

قراءة الفاتحة عدة مرات خلال الذكر ، والتي تعني الافتتاح ، ولهذا يفتتحون ويختمون الذكر بهذه السورة ويتلونها في أوقات السكون .. وقبيل الختام يتلو الثلاث سور الأخيرة في القرآن .. وهن كمختصر للقرآن كله .. ولتلاوتهن أثر فعلي في كل الاحتفالات الدينية .

" إن هذه السور حماية لنا الذين حضروا هذا الاجتماع ضد الشيطان وشياطين الجن .. إذ أن عمل الشيطان هو أخذنا بعيداً عن السراط أو منعنا من التقدم .. ويمكن أن يكون في الخارج عند الباب ينتظرنا ليغوينا بالشكوك والتشويش والإقتتال " .

وأيضاً خلال الذكر يرددون أناشيد والتي اُلفت لإعطاء الدافع ، إذ أن هذه الأناشيد تخبرهم عن فلسفتهم ، وحكمة الصوفية .. وكمثال في أحدها : " لا يمكنك أن تصل للأعالي بالباطل ، عليك بترك كل ما تملك وما لا تملك ، وبعدئذ تعال " .

رامي قصاب وهو نشط في البحث في تاريخ سوريا / حلب ، و مهتم بالموسيقى ، يقول عن المولوية في سوريا في بحث له عنوانه " الفتلة المولوية إعجاز في الرقص " :

" وطريقة المولوية مبنية على الخدمة الالهية وليس لدراويشها غير العبادة وقراءة الاوراد ويقيمون ذكراً جهرياً كل يوم عند صلاة الصبح يرددون فيه لفظ الله فقط وهم قعود ولهم ذكر خفي عجيب يقيمونه بعد صلاة الجمعة أو الصبح نحو ساعة‏ فيقفون على هيئة حلقة كبيرة ويهتزون من اليمين الى الشمال هزة مخصوصة على دقات العود ونغمات الكمنجة أو بقلوبهم فقط وفي أثناء ذلك يترنحون ترنح الثمل الطروب وأيضاً يفتلون حول ذاتهم بقدرة هائلة عشرات المرات وتسمى ذلك رقصة المولوية التي يكمن فيها الكثير من الألغاز والمعتقدات والبعض يفسر تلك الظاهرة بالترويح عن النفس بعد الإجهاد من العبادة ومن أراد الانتساب لهذه الطريقة عليه ان يقوم بمهمة الكنس والرش وما إلى ذلك حتى تنكسر حدة نفسه وتخضع وحتى ينال رضى الله وبعد ذلك يدمج بدراويش التكية ويعطى له غرفة وينام فيها ويجري عليه وقفها ويحضر أذكارها ويقوم بسائر تعليمها ويلبس الجلباب الفضفاض والقلنسوة المستطيلة التي تسمى عندهم الكلاه وهذه الكلاه كان يلبسها شيخ المولوية جلال الدين الرومي ‏ولايقتصر ارباب هذه الطريقة على ساكني التكية من الدراويش بل ان لها عدداً كبيراً من المريدين الذين يسكنون خارج التكية ويقومون بسائر تعليمها ويسمون المحبين . ‏وجلال الدين الرومي وحد أتباع مذهبه بلبس بسيط وملائم وجعل لاتباعه رؤساء ذوي مراتب يرأسهم الدادا يعتم بعمة خضراء فوق الكلاه وجعل جلسة ذوي المراتب وسط حلقة الذكر على بساط كبير خاص يجلس فوقه أدناهم رتبة ثم بساط آخر أضخم من الأول وأصغر يجلس عليه من رتبته أكبر ثم بساط ثالث أفخم مما قبله وأصغر يجلس عليه الدادا جعل حركة الذكر الفتلة كرقص ديني جليل فيه الهيام وادخل الناي والطنبور والطبل تعزف أروع الالحان الكلاسيكية الشرقية ويشرف مولونجانة الملحن على نغم الصبا يعد من تحف الموسيقا العالمية الكلاسيكية وبني في كل مدينة تركية دار الملاخانة مأوى ومنام ومحط رحال السائحين منهم‏ " ويقول عن المولوية الموجودة في حلب تحديدا : " وبالرغم من انقراض المولوية في حلب منذ سنوات وبدأت تعود للظهور ولكن بلا مضامين صوفية فأخذ بعض الأفراد الذين يجيدون الرقص المولوي أو الفتلة المولوية يقدمون هذه الفتلة في الموالد والاعراس وأصبح لها فرق كأية فرقة رقص شعبي تشارك في الافراح والمناسبات حيث يتطلب من الراقص أن يجيد الفتلة وله قدره على التحمل وقد كانت هذه الفتلة محل اعجاز واعجاب كل من شاهدها وبخاصة من الاجانب "

السيماهان : احتفال صوفي بدار الأوبرا ، وهذا وصف متكامل لأحد الحاضرين :-

تنقسم سيماهان و هي الساحه التي يقدم فيها العرض الى ثلاثة جوانب : الجانب الأيسر وهو المركز و ممثل العالم الروحاني / الصعود و موقع الذات الالهيه .. يغطي ارضية هذا الجانب جلد غنم احمر اللون الجانب الاخر من السيما يتكون من باقي الساحه .. تغطى ارضيته بجلد غنم ابيض اللون .. و يرمز هذا الجانب للعالم المادي / السقوط وهو مكان وقوف الراقصين .. في الخلفيه مكان جلوس العازفين يدخل الراقصون و العازفون بالتوالي إلى الساحة و يأخد كلاً منهم مكانه ثم يضعون أيديهم على صدورهم بحيث تكون اليد اليمنى على الكتف الأيسر و اليسرى على الكتف الأيمن ليكونوا بذلك في وضع التواضع .. يتحرك الراقصون في الساحة ليكونوا قوسًا حول المركز الأحمر .. يدخل الشيخ ليحتل المركز الأحمر - أقصى اليسار - يصاحبه صوت غنائي سماوي عذب للغاية يهيىء لحالة الرقص القادم .. لكن الشيخ يسجد في البداية كتحية للمركز ثم يسجد وراءه الراقصون و العازفون في خشوع .. تعتمد السيما على وجود خط الاستواء وهو خط وهمي يفصل بين المركز الأحمر و قطاع العازفين و الراقصين - العالم المادي - هذا الخط لا يخطو عليه سوى الشيخ حيث أنه الشخص الوحيد الذي يعرف الطريق إلى الحقيقة الإلهية ، يرمز اللون الأحمر إلى تجلي الله للإنسان .. و يرمز الشيخ نفسه لمولانا الجليل محمد جلال الدين الرومي حيث يرتدي الشيخ تقريبا نفس ملابس و عباءة الراقصين .. غير أن عمامته الطويلة بنية اللون ترتكز على قاعدة خضراء أو سوداء تميزها عن عمامات الراقصين الشبان يجلس الكل في مكانه المحدد , الشيخ في المركز و الراقصون في القوس من حوله و العازفون في عمق المسرح ، يبدأ احد المنشدين بغناء مقاطع من انين الناي و هي قصيده من تأليف جلال الدين الرومي .. تعبر عن الحب و التقدير لرسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام .. اما الموسيقى فهي من تأليف بحورزاده مصطفى ايتري .. الموسيقى مألوفه للغاية و صوفية إلى اللامعقول وان كانت نغماتها من مقام الراست العربي المعروف للأذن المصريه على وجه الخصوص .. خلال قراءة النات .. ينحني الشيخ و العازفين عدة مرات وهم في وضع الجلوس .. عند ذكر الله أو أسمائه كذلك عند ذكر المصطفى أو صفاته .. تنتهي القصيدة بدقات الطبول الصغيرة المسماة بالكودوم لمرات قليلة .. ترمز الدقات لأمر الله كن فيكون في سورة يس الآيه رقم 82 .. بعدها تبدأ ارتجالات الناي .. في تقاسيم بديعة على الراست أيضا ينتقل بعدها إلى الحجاز مع تزايد إيقاع الكودوم .. لإضفاء جو احتفالي .. يمثل نفخ الملاك اسرافيل في النفير ليعلن قيام يوم البعث و الحساب أي يوم القيامة حيث تبعث جميع المخلوقات من جديد .. تبدأ الفرقه الموسيقية في العزف مع الناي في توافق بديع .. الآلات المستخدمة في الفرقة عديدة و مختلفة :

الكودوم وهي طبول صغيره تشبه البونجز . و تعزف باستخدام عصي - خشبيه مزخرفه

عود شرقي - آله تشبه العود ذات صندوق أكبر و أربعة أوتار -

نايان أحدهما يشبه الناي الشرقي المعتاد .. و الآخر يشبه الفلوت الغربي وان كان خشبيا

دف و قانون

الطنبور وهو اله وتريه تستخدم في إنتاج الكوردات المصاحبة

الة بزق كبيرة الحجم

كيمنسيه وهي اله تشبه الربابه المصريه

على اي حال ينتهي ارتجال الناي و يبدأ البشرف و البشرف هي مقطوعه احتفاليه على مقام الحجاز .. تعزف على قالب إيقاعي مكون من 28 دقه و مع أول دقه يسجد الشيخ و الراقصون و يضربون الأرض بأيديهم ثم ينهضوا ليوضحوا أن كل شيء خاضع لأمر الله و يشيرون أيضا إلى بعث الموتى من قبورهم يوم الحساب .. يتوالى عزف البشرف بينما يقوم الشيخ و يتبعه الراقصون بأداء دورة السلطان فيليدو الدورة تتكون أساسا من ثلاث طوافات حول الساحة .. يطوف الشيخ و وراءه صف الراقصين .. يبدأ الطواف من الطرف الأقصى المقابل للمركز الأحمر , يتحرك الشيخ جهة المركز .. و ينحني تحيةً عند وصوله .. ثم يعبر خط الاستواء ليواجه صف العازفين .. ينحني برأسه انحناءة خفيفة بينما ينحني له كل العازفين برؤوسهم .. ثم يطوف الراقصين ثلاث مرات حول الباحه .. بينما يحيي كلا منهم زميله التالي بانحنائه بسيطة .. يرمز الطواف ثلاث مرات إلى الترفع عن العالم المادي أملا في الوصول إلى العالم الروحاني و يرمز طوافهم ثلاث مرات إلى مستويات المعرفة الثلاث التي تأتي في الصوفية و هي : الدراية و الرؤية و التحقيق .. يرمز اتباع الراقصين للشيخ إلى الطريقة المثلى لإدراك الحقيقة و هي إتباع مرشد روحاني يعرف الطريق أثناء الطواف .. يضع الراقصون أيديهم اليمنى تحت عباءاتهم فوق قلوبهم كدليل على الخشوع و الرضى و ترمز التحية إلى تحية الروح للروح .. بعيدا عن الجسد المادي الفاني ، تتم الثلاث دورات و ينتهي عزف البشرف و دورة السلطان فيليد .. يبدأ بعدها الاحتفال الموسيقي .. بما يدعى السلام الأول يتراص الراقصون بعد الطواف في صف واحد بديلا عن القوس .. جميعهم في وضع التواضع الأول ثم يقومون مع بداية الموسيقى بخلع عباءاتهم السوداء مما يرمز للميلاد الروحي و توحي هيأتهم أثناء الخشوع بالرقم واحد مشيرين إلى وحدانية الله .. يتجه قائد الرقص .. وهو رجل متوسط العمر نحو الشيخ الجالس في المركز .. ليطلب منه الأذن لبداية السيما .. و بموافقة الشيخ يقوم الراقصون واحدا تلو الآخر بالمرور لتقبيل يده اليمنى و في المقابل يقوم الشيخ بتقبيل قبعاتهم الطويلة كنوع من رد التحية تبدأ السيماهان الحقيقية هنا .. و يبدأ كل راقص بعد تقبيل يد الشيخ .. في الدوران حول نفسه لتبدأ أكثر مظاهر الاحتفال شهره و شعبية على الإطلاق موسيقى هذا السلام احتفاليه راقصه و إن كانت لا تخرج عن روح الصوفية الطاغية على المكان .. تذكرني وهي تنتقل بين الراست و الحجاز و أحيانا الصبا بالموسيقى التركية المصريه القديمة .. و لكن بروحانية عالية .. الرقص الدوراني الصوفي .. ليس دورانا اعتباطيا .. أو فطريا بأي حال من الأحوال يسبق الرقص .. صيام واجب لعدة ساعات لمنع الشعور بالغثيان من جراء سرعة الدوران .. يعتمد تكنيك الدوران أساسا على اعتماد القدم اليسرى بمثابة دعامة أو مرساه يدور حولها الجسم كله طوال مده الاحتفال و تكون القدم اليمنى بمثابة المحرك الدافع ، و فائده الارتكاز حول القدم اليسرى هو منع الجسم من السقوط أثناء الرقص في حالة الدوار .. عن طريق التركيز فقط على شد عضلات القدم اليسرى عند الشعور باختلال التوازن كما شرح لي احد الراقصين بعد العرض .. عموما تزداد سرعة الراقصين تدريجيا .. و يتحركون في اتجاه العمق مفسحين لغيرهم .. ممن انتهوا للتو من تقبيل يد الشيخ المجال لإكمال القوس وبدء دورانهم الخاص .. بينما يتجول قائد الرقص بينهم ليقوم بتوجيههم عند اشتراك كل الراقصين في تكوين القوس يثبت كلا منهم في مكانه دائرا حول ذاته .. رافعا كفه اليمنى عاليا و أبهامه الأيسر في مستوى عينيه و يوحي ذلك الوضع بسيادة عدل الله .. يكون الدوران عكس اتجاه عقارب الساعة .. وعموما تكون سرعة الدوران بطيئة نسبيا لمدة 15 دقيقه أو ما إلى ذلك .. يبدأ بعدها الراقص في زيادة سرعته إلى حد معين , و تثبيتها لمدة 30 دقيقه أو نحوها يبدأ بعدها الراقص في تخفيض سرعته تدريجيا خلال 15 دقيقه أخرى ضرورية .. و تزداد مدة تخفيض السرعة بازدياد مدة الدوران فقط لمحاولة تكييف جهاز الاتزان المعقد على سرعة الجسم و منع سقوطه أو حتى ظهور أعراض أخرى كالغثيان أو الدوار أو أي ظواهر بصرية أخرى غير مرغوبة .. أحيانا يلي الدوران طقوس أخرى لا تحدث في السيماهان .. هذه الطقوس تتضمن السقوط أرضا و النوم على البطون و ملامسة سرة الراقص العارية بالأرض .. في وضعيه تمثل الجنين في بطن الأم و اتصاله بالتراب .. يستقر الراقص على هذه الوضعية لمدة 15 دقيقه أخرى بينما تعزف موسيقي صوفية سماوية مختلفة .. حيث يقف كل راقص أمام الشيخ لينحني احتراما ثم يعود إلى موقعه الأول في وضع التواضع ليكونوا صفا في مواجهة المشاهد .. و عند انتهاء آخر راقص .. يعود الشيخ مره أخرى إلى المركز الأحمر ليبدأ فورا السلام الثاني .. بنهاية موسيقى السلام الأول , يبدأ السلام الثاني وهو عبارة عن قالب إيقاعي مكون من 9 دقات وهو أكثر بطئا من موسيقى السلام الأول .. و يدفع هذا التغيير الإيقاعي المستمع إلى التأمل .. ثم يبدأ الراقصون في الدوران بنفس المنهج السابق .. عندما تتوقف الموسيقى .. يتوقف الراقصون عن الدوران و يقفون على هيئه مجموعات ثنائيه و ثلاثية ملتصقة الأكتاف ليأخذوا و ضع الخشوع مره أخرى تتكرر نفس أحداث السلام الأول .. لكن دون تقبيل يد الشيخ .. فقط الاكتفاء بالانحناء البسيط . عند المرور أمامه يشير السلام الثاني من السيما إلى درجة الوصول للسبيل الداخلي في الصوفية - الطريقة - وهي أن يصل الإنسان لحاله من الرهبة و التعجب من قدرة الله الخارقة في مشاهدة عظمة وتآلف خلقه .. ينتهي السلام الثاني ليبدأ فورا السلام الثالث .. و ما ينبهنا لبدايته في الحقيقة هو اختلاف القالب الإيقاعي المستخدم .. ثلات قوالب ذات سرعات متزادية الأولى على 28 دقه و الثانية على إيقاع 10 دقات و أخيرا الثالثة على ايقاع من 6 دقات .. في نهاية الدقات الست الأخيرة تتصاعد شده الإيقاع تدريجيا و يرتفع صوت الموسيقى و يبدأ الراقصون في الدوران كما في السلامين الأولين .. و لكن بشده اكبر .. يمثل السلام الثالث التحول من خشية الله والتزام أوامره خوفا أو طمعا إلى الحب و التضحية في سبيل هذا الحب .. وهو ما يطلق عليه التوحد الكامل مع الله و الذوبان معه .. نيرفانا صوفية بمعنى آخر .. الهدف الرئيسي هو الوصول إلى الفناء التام في سبيل الله , وهي أعلى مراتب الإيمان به .. تستطيع في هذا الجزء أن تشعر بروحك ترقص معهم .. وان تشعر بإيمان عظيم يطغي على الساحة أو المسرح وقد يحدث أن تقتنع كليا في هذه المرحلة أن العازفين و الراقصين بل و الشيخ نفسه قد وصلوا جميعا إلى الإيمان الكامل و القناعة المطلقة بعدل الله ووجوده وان أدائهم ما هو إلا تعبير عن هذا الحب أمام الناس فحسب وقد لا يخامرك ولو للحظه شعور المتفرج الذي يتابع فرقه شعبيه .. يبدأ بعد ذلك إبطاء ايقاعات الكودوم ايذانا ببدء السلام الرابع .. سرعة هذه الموسيقى بطيئة جدا .. ومحبطه للغاية إذا صح التعبير .. و كأننا انتقلنا فجأة من عالم خيالي ساحر و اصطدمنا بالواقع ثانية .. يبدأ الراقصون بالدوران و لكن بسرعات اقل .. و حماس أكثر فتورا .. يدورون في أماكنهم و يشاركهم الشيخ و معلم الرقص الدوران و لكن دون نزع ردائهما الأسود .. حيث يمسكان ردائهما بيدهما اليسرى و ياقتهما البيضاء بيدهما اليمنى .. يمثل هذا السلام أعلى مراتب الإسلام وهي المعرفة و به تكتمل الرحلة الروحانية التي بدأت بالنات .. إذ يصل الإنسان عن طريق القناعة التامة بما قدر له و الإيمان بمهمته التي خلق لها وهي خدمة الذات الإلهية في نهاية السلام يقوم العازفين بعزف البشرف الأخير وهي موسيقى شديدة الشفافية و البطء ترسخ مفهوم الإحباط في العالم المادي بعد الرحلة السماوية الرائعة و المتعبة في آن تنتهي الموسيقى عندما يعود الشيخ إلى المركز الأحمر من جديد و يسود صمت ثقيل على السيماهان .. يقطعه صوت ملائكي يقرأ الآيه 115 من سورة البقره "َ لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم " قد تكون قليلة هي اللحظات التي ينجح فيها أي قارىء للقرآن في إيصالك إلى القشعريرة سيفعلها قارىء المولوية في دار الأوبرا الفخمة .. ليقودك للثمالة الروحية , يساعده في هذا ما سبقه من مقدمات .. ينتهي المنشد و يقرا الجميع سورة الفاتحة .. ثم يقف الشيخ و الدراويش ليقرأوا دعاءً باللغة الفارسية يسمى - جولانكي مولوي - و يتم ذكر جميع الأنبياء و أولياء الله الصالحين و الصديقين في هذا الدعاء .. و الانحناء عند ذكر أسمائهم .. يقرأون سورة الفاتحة مره أخرى .. في النهاية ينطق الدراويش و الموسيقيون بكلمة "هو " بصوت يرج القاعة ثم ينحني الجميع في هدوء و سكينه .. ينتهي هنا العرض ..

لمحة أخيرة عن تاريخ المولوية : الدراويش المولوية هي احد اشهر الفرق الصوفية في العالم - إن لم تكن اشهرها على الإطلاق - أسست أصلا بواسطة أتباع الإمام جلال الدين محمد الرومي وبالتحديد ابنه " سلطان فيليد شليبي " حوالي العام 1237 للميلاد في كونيا / كونيه بانطاليا / تركيا ، المولويه " نسبة الى مولانا جلال الدين الرومي " تحمل اغلبيه صفات الطرق الصوفيه المختلفه .. الفقر و التقشف و البحث عن التوحد و الجمال و الاندماج في الذات الالهيه .. في عصر الدوله العثمانيه ذاعت المولويه كطريقه صوفيه مبجله .. و انتجت في عصر ازدهارها ذاك العديد من القصائد و المدائح و الموسيقى و الموسيقيين العظام .. كان السبب الرئيسي لهذا هو ترقى العديد من رجالها في سلك خدمة الخليفة في اسطانبول مما ضمن لها رعاية خاصة واهتماما كبيرا من اكبر أقطاب الدولة و رجالاتها كان مقر المولويه في كونيه " حيث دفن جلال الدين " مركزا حقيقيا للطرق الصوفية التركية ولحركة التصوف بشكل عام و كان لتلك المدينة الداخلية القريبة من اسبرطة الفضل الأكبر في انتقال الرقص الصوفي إلى مصر و سوريا و البلقان و غيرها من البلاد الإسلامية ، في ثلاثينات القرن الماضي و كنتيجه لثورة أتاتورك العلمانية في تركيا .. الغيت أوقاف المولويه .. واعتبرت أي من أنشطتها مخالفا للقانون و مجرَما و نتيجة لذلك اختفت العديد من أنشطتها و قل عدد ممارسيها حتى أوشكت على الاختفاء في صفحات التاريخ .. في خمسينات القرن الماضي .. أدركت الدولة أهمية المولويه كعامل جذب سياحي و سمح لهم بتقديم عروضهم من جديد لاول مره في السابع عشر من ديسمبر عام 1955 وهو التاريخ الذي يوافق الذكرى السنوية لوفاة جلال الدين الرومي .

هناك تعليق واحد:

  1. موضوع اكثر من رائع و ممتاز فعلا
    اما بخصوص حفلات حمزه علاء الدين انا
    ناشرها علي المدونه التانيه بتاعتي "نوبي أنا"
    www.nobiana.blogspot.com
    و هاتلاقي حفلات لمطربين نوبين تانين زي خضر العطار و محمد منير

    ردحذف