فصول من تاريخ شبه الجزيرة القميء
آل سعود و ابن عبد الوهاب و الدعم البريطاني و النشأة
صهيونية النظام السعودي و هدم فكرة الإسلام
1
آل سعود و ابن عبد الوهاب و الدعم البريطاني و النشأة
صهيونية النظام السعودي و هدم فكرة الإسلام
1
عندما انسحب الأتراك نهائيا من نجد عام 1334 هـ 1906 م أرسل عبد العزيز المتعب الرشيد يقول لعبد العزيز آل سعود : " أنت غير عربي ، و لو أن فيك ذرة من العرب لما رضيت بأن يقاتل العرب بعضهم بعضا من أجل مصالح الانكليز؟ و مع هذا تدعي أننا مشركين بالله و انك أنت المرسل من عند الله تمنح الجنة والنار و الحور العين ، إذا كان فيما تدعيه شيئا من الصحة بأنك رسول الله ، فلا بد أن للرسل من معجزات و لهذا يجب أن نتبارز أنا و أنت ، و لعلك بمعجزاتك يا رسول الانكليز تغلبني فتقتلني أو أقتلك ، و بذلك يسلم العرب في شمال نجد و جنوبها من قتال بعضهم بعضا لا لسبب إلا لأن الانكليز يريدون بلادنا و وجدوا فيك ضالتهم بعد أن يئسوا من شرائنا " ، فرد عليه عبد العزيز آل سعود قائلا : " أنا أحارب بقوات الانكليز و مع ذلك فأنا أخشاك و لا أنكر هذا بأنك أشجع مني و لن أتبارز معك و أنا أعرف أنك إذا هجمت على جميع أعدائك تنتخي و تعتزي بقولك : حسبت نفسي ميت العام أما أنا يا عبد العزيز بن رشيد فأقول أنني سأبقى و سأقضي عليك بلا مبارزة و سأستخدم لقتلك واحداً من أهل بيتك " فاستشاط عبد العزيز بن رشيد من هذا و تقدم بجيشه مطاردا ابن سعود وجيشه السعودي الذي توغل في أواسط نجد .
و لكن ابن سعود تراجع إلى العارض عندما علم بذلك ، و لكن ابن الرشيد رأى ألا يتراجع إلى حائل وأن يقيم خيامه في مكان صحراوي في نجد يسمى روضة مهنا ليجعل من هذا المكان منطلقا لمطاردة السعوديين ، و قد أقام مدة طويلة في هذا المكان وحده دون أن يزيح خيامه منه ، حتّى أن أوتاد الخيام نبتت وأصبحت " أثلا " مما جعل جيش عبد العزيز المتعب يصاب بالملل من موقفه ، فلا هو مقاتل ولا هو راجع لمدينة حائل ، من هنا تحرك جون فيلبي يبحث عن واسطة يتفاهم معه من أسرة ابن الرشيد نفسه لقتل ابن الرشيد ، و لأترك الكلام الآن لجون فيلبي ليقول : " واتصلنا بالأمير فيصل الحمود العبيد و هو من ذرية عبيد بن رشيد بينما عبد العزيز بن متعب من ذرية عبد الله بن رشيد ، و عبيد و عبد الله شقيقان ، و هما مؤسسا أسرة آل الرشيد و قد حدثت من بعدهما خصومات بين العائلة فالكل يقول انّه أحق بالحكم من ذرية الآخر ، و طلبنا من فيصل الحمود العبيد قتل ابن عمه و تعهد عبد العزيز بن السعود بتأييده حاكما مكان ابن عمه ابن متعب في حائل ، و وعدناه بتأييد الانكليز له بالمال و السلاح و السياسة ، و كنا صادقين فيما نقول لأن كل همنا هو أن نتخلص من ابن متعب الذي أتعبنا بجبروته و شجاعته و صبره المنقطع النظير ، و قررنا أن نباغته في مخيمه ليلا إلا إنه بدون المباغتة يصعب علينا القضاء عليه ، و لأن من عادات العرب و جيش ابن الرشيد خاصة تحريم الهجوم ليلا مهما كانت الأحوال ، ففي عرفهم أن القتال الشريف يجب أن يكون وجها لوجه و في وضح النهار ليشهد الرأي العام ما يحدث و يسجل الناس انتصار أي خصم على الآخر و يكون بالإمكان معرفة من يهرب من المقاتلين فيحمل وزر جبنه ، لكنه ماذا يهم الانكليز من هذه المثل العربية العليا ، ما دمنا نبحث عن النصر بأي طريقة ناجحة جاءت ليلا أو نهارا ، كل ما يهمنا آنذاك هو مصلحة بريطانيا العظمى بأي طريقة شريفة أو حتّى غير شريفة لتثبيت صديقها الأول ابن السعود ففي تثبيت ابن سعود تثبيت المصالح البريطانية و من ثم تثبيت الوجود الإسرائيلي في فلسطين و القضاء على العدو المشترك ابن الرشيد و الأتراك ، لتتفرغ بريطانيا لمصالحها في الجزيرة العربية "رأيتم هذه الصراحة الانكليزية المتناهية ، إنني أتمنى أن يكتب تجار الأدب ممن زيفوا التاريخ السعودي بهذه الصراحة المتناهية التي يكتب بها جون فيلبي المشرف على خلق العرش السعودي ، و هكذا سارت و صارت بريطانيا في الجزيرة العربية ، و بعد منتصف ليلة 18 صفر سنة 1324 هـ 13 نيسان 1906 م أطلقت عيارات نارية على مخيم ابن الرشيد أفزعته من نومه و جعلته يمتطي صهوة جواده دون أن يحدد الاتجاه ، و هو يصرخ : الفريخ ـ الفريخ .. احمل العلم يالفريخ ، و الفريخ هذا هو حامل علم ابن الرشيد ، و إذا بعلم عبد العزيز بن الرشيد ينطلق أمام ابن الرشيد يحمله شخص غير الفريخ ليخادع ابن متعب بعلمه المزيف فيقوده إلى الكمين الانكلو سعودي المنصوب لعبد العزيز المتعب الرشيد ، فانخدع عبد العزيز المتعب و أخذ يسابق الريح فوق صهوة جواده خلف حامل العلم الذي ظنه ابن الرشيد علمه ، بينما حامل العلم يغير بسرعة نحو مخيم ابن السعود ، ولم يكن ذلك العلم إلا خرقة زيفها جون فيلبي و جعلها نسخة طبق الأصل من علم ابن الرشيد ، أما العلم الحقيقي لابن الرشيد و حامله الفريخ فلم يتحرك من مخيمه بعد ، وتبع عبد العزيز ابن الرشيد هذا العلم المزيف وحده قبل أن يتحرك جيش ابن الرشيد الذي بوغت ليلا و لم يعرف إلى أي وجهة اتجه عبد العزيز ابن الرشيد بينما الفريخ الحقيقي و علمه لم يزل مع جيش ابن الرشيد المباغت ، و كان حامل العلم المزيف متلثما و هو يقود المتعب إلى حيث الكمين الانكلو سعودي الذي لم يبعد عن مخيم ابن الرشيد أكثر من كيلومترين ، و إذا بابن الرشيد وحده أمام جيش سعودي عدده خمسة آلاف ، عند هذا فقط أدرك عبد العزيز ابن الرشيد الخدعة لكنه لم يتنبه لحامل العلم المزيف بعد ، فلا زال يظنه علمه و أن حامله هو الفريخ ، حيث أخذ يصرخ بحامل العلم بأعلى صوته : " ويش هالدبره يالفريخ " أي ما هذه الدبرة العمياء ، " ما هذا التصرف يالفريخ " ، لكنه لم يكن الفريخ إلا فرخا سعوديا انكليزيا قاد ابن متعب ببراعة إلى الموت المحقق حينما كشف عن لثامه و هو يقذف بالعلم المزيف و يصرخ مناديا بالسعوديين و الانكليز" عبد العزيز يا طلابه ، ابن متعب يا طلابه ابن متعب " و يقول جون فيلبي : " لقد كان رأيي أن نأسر ابن متعب فقط ما دام قد وصل إلينا بهذه السهولة و أن لا نقتله بهذه السرعة ، انّه صيد ثمين ، لكن هناك من تسرع من الحاقدين عليه و أطلق عليه النار و قطع رأسه بأمر عبد العزيز أل سعود .
و ما أن قتل عبد العزيز بن متعب حتّى أصدرت الأمر بسرعة ليهجم الجيش السعودي على مخيم ابن الرشيد ليباغتوا جيش ابن الرشيد الحائر في مخيمه يتقدمهم شخص يحمل رأس عبد العزيز بن متعب على رأس رمح ليضعف معنوياتهم و يرهبهم و يعطيهم فكرة على أن شجاعة قائدهم المتناهية قد انتهت ، و بالفعل نجحت هذه الخطة و انهزم جيش ابن الرشيد المخيم في روضة مهنا و البالغ ثلاثة آلاف تقريبا أما فيصل الحمود العبيد آل رشيد فلم تنجح في تنصيبه أميرا لحائل حيث ولي متعب بن عبد العزيز المتعب الرشيد حاكما مكان والده المقتول و عمره لا يتجاوز الـ 15 سنة و هو ابن أخت فيصل الحمود العبيد الرشيد آنف الذكر ، و عاد جند الرشيد إلى حائل و لم يدم حكم متعب أكثر من عشرة أشهر حتّى أقدم أخواله على قتله باتفاق مع جون فيلبي و عميله عبد العزيز آل سعود بزعم توليتهم لحكم حائل ابن أختهم ، أجل وإلى هذا الحد من قذارة التهافت على الحكم وصل الأخوال للاتفاق مع الاستعمار على قتل ابن أختهم و قتل أشقاءه معه أيضاً .
و الأخوال الذين قتلوا أبناء أختهم هم : فيصل و سلطان و سعود الحمود العبيد ، أما الذين قتلوهم أخوالهم فهم بالإضافة إلى متعب العبد العزيز المتعب 15 سنة محمد 7 سنوات و مشعل 5 سنوات ، و ذلك في شهر ذي القعدة 1324 هـ ـ كانون أول 1906 و مثّل أولئك الأخوال الوحوش بأبناء أختهم أبشع تمثيل ، فقطعوا أصابعهم أولا ثم أيديهم ثانيا ثم قتلوهم ، وقد حاولت أحد النساء إخفاء الطفل محمد عن خاله بداخل صندوق ثيابها لكن خاله سلطان بحث عنه حتّى أخرجه و مزقه بسيفه ، و كانت صرخات الطفل تختلط بتشفعاته البريئة قائلا : " اضربني بالعصا يا خالي أهون من السيف ، أنا ما فعلت للعنزة أي شيء ، أنا ما كسّرت لعبتي " ، إذ كان الطفل يظن أي وعي بالحكم الذي جاء خاله ليقتله من أجله لكيلا يحكم في المستقبل .و هيهات أن يكن لهذا المنطق الطفولي البريء أي موقع من قلب هذا الخال الغليظ المتوحش ، لم يرتدع خاله المجرم من تمزيق جسم ابن أخته بسيفه إربا ، بهذه الوحشية استولى سلطان بن حمود العبيد الرشيد بمساعدة أخويه سعود و فيصل على الحكم ، و لم يكتف سلطان العبيد و أخويه بقتل أبناء أختهم الأطفال بل راحوا لارتكاب جريمة أخرى ، و هي قتل الطفل الرابع سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد البالغ من العمر 3 سنوات لو لم يهرب به خاله حمود السبهان إلى المدينة المنورة ، لكن حكم سلطان لم يدم أكثر من سبعة أشهر أخذ بعدها يستعد للهرب حينما أحس بتذمر شديد من شعب حائل و شمّر، فتنازل عن الحكم لشقيقه سعود الحمود العبيد و اصطحب معه 150 شخصا متجهين إلى الشام ليلتجئ إلى جبل العرب خوفا من القتل ، لكن الشعب في حائل لم يتركه بل أجبروا شقيقه سعود للسير معهم للحاق بأخيه الهارب و إعادته لقتله فقد يتعاون مع العدو السعودي ضد البلاد و لحقوا به بعد يومين من فراره و أعادوه و قتلوا عدداً ممن معه حينما دافعوا عنه ، و قتله أخوه سعود بضغط من الشعب و خوفا من أن يستغل الفرصة فيعود إلى الحكم فيما لو تركه حيا ، و قرر أخوه أن لا يدفن جثته ، بل و ضعها في بالوعة مياه داخل دهاليز القصر ، لكن أخاه سعود لم يُسعد في الحكم أيضاً ، إذ حكم أربعة عشر شهراً ، عاد بعدها من المدينة حمود السبهان و معه ابن أخته سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد و عدد من قبائل شمّر و طرقوا القصر في حائل و ألقوا القبض على الحاكم سعود الحمود العبيد الرشيد و وضعوا بيديه نفس " الضبة " التي سبق له أن وضعها بيدي شقيقه سلطان ، و فتحوا نفس البالوعة التي سبق له أن أسقط شقيقه سلطان بداخلها و قالوا له : " ادخلها بنفسك حيا قبل أن ندخلك فيها " فصاح سعود متسائلا بجزع : " كيف أدخل و هذه الرائحة العفنة فيها " فأجابوه بقولهم " إنها رائحة شقيقك سلطان ، هل نسيت " ولم يجرؤ على دخولها بنفسه فحملوه و دفنوه فيها حيا ، و بذلك و في تاريخ 17 شعبان 1326 هـ 14 أيلول 1908 م تولى الحكم سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد و عمره 7 سنوات يساعده خاله حمود السبهان ، و ما أن علم فيصل الحمود العبيد الرشيد شقيق سعود العبيد بذلك و كان وقتها حاكما للجوف لشقيقه حتّى ترك الجوف هاربا إلى عبد العزيز آل سعود و التجأ إليه متعاونا معه و خلال هذه المدة أبدى الانكليز عروضا كثيرة على بعض السبهان من أخوال سعود بن عبد العزيز الرشيد لاستمالتهم نحو بريطانيا ، لكن تركيا علمت بالأمر فبعثت أحد ضباطها المدعو عزيز بك الكردي ليمثلها في حائل كقنصل ثم أرسلت الشيخ صالح التونسي بمأمورية خاصة يؤكد فيها استمرار دعم الأتراك لحكم سعود الرشيد ، ثم بعثت عبد الحميد بك بن إبراهيم باشا سعيد المصري فبقي في حائل يجتهد في منع الانكليز من التأثير على الأمير سعود الرشيد .
و لكن الأمير سعود بالرغم من مساعي بعض أخواله السبهان بالتعاون مع الانكليز بحجة أنهم دولة أرقى من تركيا المهزومة و أنه لابد بهذا التعاون أن نقطع الخط على آل سعود فيدعمنا الانكليز بدلا منهم أو على الأقل نحافظ على حكمنا في حائل ، بالرغم من هذا الإلحاح بقي متمسكا بصداقته للأتراك في داخل الجزيرة يمدهم بالإبل و يأخذ منهم الأموال و السلاح دون أن تكن لهم أي سلطة في البلاد ، و دام حكمه خمسة عشر سنة تقريبا حينما اغتاله ابن عمه بن طلال الرشيد غدرا من خلفه أثناء رمايتهما " للنيشان " في جبل طي قاصدا بذلك الاستيلاء على الحكم ، لكن عبد الله الطلال قتل تلك اللحظة برصاص الذعيت حارس سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد دفاعا عن عمه و يومها عين عبد الله بن متعب الرشيد البالغ من العمر 12 عاما و لم يدم حكمه سوى سنتين حتّى أرجف به عملاء الانكليز و عبد العزيز آل سعود الذين دسهم في حائل و كان ابن سعود يقيم بجنده في جبل طي المطل على حائل بانتظار لجوء عبد الله المتعب إليه بخطة مسبقة مع بعض المرجفين ليدخل حائل لكن ابن السعود فشل تلك المرة في دخول حائل فأبعد عنها بعد أن لجأ إليه عبد الله المتعب الفتى الذي أرجف به زبانية ابن سعود بقولهم " إن أبناء عمك ينوون قتلك و يجب أن تهرب من حائل لتلجأ إلى عبد العزيز آل سعود " و هكذا هُرّب عبد الله المتعب تاركا حائل و حكمها ملتجأ إلى عدوه عبد العزيز آل سعود و كان ذلك الهرب أمنية عبد العزيز ابن السعود الذي اعتبره خطوة في تحطيم حكم خصومه آل رشيد فيما بعد ، إلا أن حائل في وقتها بقيت صامدة مقاومة عدوانه تساندها قبائل شمّر مما اضطره للابتعاد عن جبل طي و حائل بعيدا ، و بعد فرار عبد الله المتعب عين شعب حائل الأمير محمد بن طلال الرشيد حاكما للبلاد و كان يبلغ من العمر 20 عاما .
2
ثم أخذ في تجميع هذا الجيش ، و أخذ عدد أصحاب اللحى الطويلة المزيفة يزداد كل يوم و الأموال الانكليزية المزيفة تدفع لهم بلا حساب ، و أخذ جيش المرتزقة و المخدوعين يتكاثر ، و عين الانكليز مستشارين من كل بلد عربي لعبد العزيز آل سعود و كونوا لهم مجلسا أطلقوا عليه اسم " مجلس الربع " ، و هذا المجلس يرأسه الشيخ جون فيلبي نفسه ، و من أعضائه حافظ وهبه من مصر ـ و خالد قرقري من المغرب ـ و فؤاد حمزة و يوسف يس من سوريا ـ و بشير السعداوي من ليبيا ، و عبد الله الدملوجي من العراق ـ و حسين العويني من لبنان ، و غيرهم ، و رأوا أن يتجمع جيش الإخوان في أماكن يطلق على كل منها اسم " الهجرة " تشبّها مع الفارق الكبير بالمهاجرين الذين هاجروا مع النبي العربي محمد بن عبد الله من مكة إلى المدينة، و طفق تجار الدين في تلقين هؤلاء الجنود المخدوعين بالفتاوى الصادرة عليهم من " مجلس الربع " الواردة من مكتب المخابرات الانكليزي " المكتب الهندي " عن طريق الحاج جون فيلبي ، و منها قولهم " كل من قتل عشرة من قبيلة شمّر أو أهالي حائل ـ أو ممن يعادون ابن سعود ـ يدخل الجنة بلا حساب ليجد فيها عشر حوريات من الحسان الكواعب الأتراب اللائي لا يكبرن عن 15 سنة و لا يصغرن عن هذه السنين عمرا ، بالإضافة إلى لحوم الطيور المشوية التي سيجدها كل من يُقتل تحت بيارق آل سعود في الجنة ، و ما عليه إلا أن يفتح فمه فتسقط في فمه مشوية دون عظام بالإضافة إلى أنهر العسل و اللبن "، إلى غير ذلك مما يتمناه كل محروم في الدنيا ، و كنوع من التضليل : أخذ " مجلس الربع " هذا يحجب مجموعات من الدجالين و المرتزقة عن نظر المخدوعين من جنود القبائل ثم يبث مجلس الربع إشاعات تقول بأن فلان ، و فلان ، و علان قد تسللوا إلى حائل فشاهدوا بأعينهم " الحور العين " داخل أسوار حائل و غيرها ثم يكرر رجال الدين دجلهم قائلين لجنود البادية المخدوعين إن مشاريع العمران قائمة عند الله لمن يقاتل المشركين من أهل حائل و أهل الحجاز و عسير و تهامة و اليمن و الجوف و الاحساء و " بعض الكفار من أهالي نجد " أما البعض الآخرـ التابع لابن السعود فأولئك من أهل الجنة الذين خصص الله لكل واحد منهم قصره فيها و فيه ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين من حور عين و لبن لم يتغير طعمه و عسل مصفى و رعية من الخيل و الإبل و الأغنام.
يقول أحد شيوخ القبائل " الشيخ بن سحمي " في تصريح له نشره المستر " هـ. ر.ب ديكسن " رجل المخابرات البريطاني المعروف في الكويت في كتابه " لم نكن نعلم بادئ الأمر أن بريطانيا قد جاءت تعلمنا أمور ديننا مرسلة لنا بجون فيلبي و عبد العزيز آل سعود ، و لم ندرك هذه الخديعة إلا في وقت متأخر بعد فوات الأوان و بعد أن انقسمت المدينة الواحدة و العشيرة الواحدة و العائلة الواحدة إلى أقسام عديدة و قام الأخ منا يقتل أخاه و ابنه و زوجته و يبيع كل ما يملكه أو يذبح إبله وأغنامه للتخلص منها و التخلص حتى من أقرب الناس إلينا و من كل ما يعوقنا في الدنيا عن طريق الآخرة الذي لا يعلمه إلا الله ، فندفع لمشايخ الدين ولعبد العزيز آل سعود ثم نبدأ بقتال الأهل و الأقارب بعد أن أوهمونا مشايخ الانكليز بأنهم من " الكفار " لمجرد أنهم لا يشاركوننا بهذا الجهل الذي حسبناه علما ودينا، بل و أخذنا نترك نساءنا وديعة لدى عبد العزيز ليرعاهن بينما نذهب للقتال بحثا عن نساء في الجنة و ملذات في الآخرة و من لم يمت منا ثم يرجع حقا فانه يجد عبد العزيز قد تمتع بنسائه في الدنيا و هو ذاهب يقاتل إخوته بحثا عن نساء في الآخرة و حور موهومة بعد الموت ، بعد أن يجد عبد العزيز آل سعود قد الصق العار في وجوهنا ، هذا ما قاله أحد الذين أوهمهم آل سعود بحياة ناعمة في الآخرة و بعد أن أوصلهم للاستيلاء على بلادنا حرموهم من كل شيء في الحياة .
و بهذا التضليل السعودي اليهودي الانكليزي سارت الحركة الوهابية السعودية أولا و أخيرا معتمدة على دراسة نفسية لهذه القبائل و معتمدة على إيجاد " طوابير خامسة " داخل القبائل و المدن و القرى و معتمدة على فتاوى عدد ضخم من تجار الدين الذين خادعوا القبائل بطول شعور ذقونهم الضالة و كان لهم أقوى التأثير في نفوس بعض القبائل حتّى جعلوا من الوهم عقيدة تشربت بها عقول و دماء العدد العديد من القبائل إلى الحد الذي أسلفناه ، أن الأخ قتل أخاه و الأب قتل ابنه لمجرد أن هذا المقتول عارض هذا الضلال الانكلو يهودي سعودي الذي حسبوه ديناً برقعوه ببراقع الإسلام و الإسلام منه براء ، مما جعل أفراد القبائل يتبرءون من كل شيء في الدنيا بحثا عن ملذات الآخرة ، و عندما يصاب أحدهم بجرح يمنعه عن المسير يبادره أقرب الواقفين منه بطعنة خنجر، لقد روى أحد أفراد جيش " الإخوان " ممن لا زالوا أحياء لزميل له من " الإخوان " اسمه : فريح النّبص يقول : " حينما كنت من جند الإخوان التابعين للشيخ فيصل الدويش و جرحت في معركة تربه و تركني " الإخوان " طريح الأرض ينزف دمي ، لم ينقذ حياتي غير امرأة بدوية مرت بي فأخذتني إلى بيتها و حفرت لي حفرة في التراب ألهبت النار فوقها حتّى حمي التراب ثم دفنتني فيها فالتأمت جراحي بهذه الطريقة و بعناية البدوية و بعد شهرين لحقت بقوم ابن السعود و إذا بي أجد أحد مشايخ الدين قد تزوج زوجتي بحجة أن زوجها قد تزوج سواها في الجنة " ، لكنه ما أن رآني الشيخ قد رجعت أفتى " بكفري " زاعما أن الله قد أعادني إلى الدنيا و أخرجني من الجنة لأنني من الكفار و المنافقين ، فأمر الشيخ بقتلي من جديد و إحراقي بالنار تطهيراً لجسدي و روحي الشريرة ، و يقول لقد تمكنت من الهرب بجلدي بعد أن فقدت زوجتي الغالية مما جعلني أكفر في الدنيا و الآخرة و ألعن كل حبة رمل داستها أقدام " الإخوان " و ألعن الجنة و النار معهم ، هذا الشخص لا زال على قيد الحياة و اسمه " علي السلامة " و قد قارب الـ 80 سنة ، و بمثل هذه الفتاوى الفاسدة ، استطاع الانكليز بث الروح الوهابية اليهودية بمشايخ الدجل الديني فخدعوا بعض القبائل التي تبرأت من كل شيء في الحياة باعتباره " شقاء " منادين بأعلى أصواتهم في الشوارع تخلصا من هذا " الشقاء " ، لقد تخلى هؤلاء المخدوعين حتّى عن أموالهم باعتبارها " شقاء " يمنعهم و يشقيهم عن الجهاد و أصبح أهم ما يشغلهم قصور الجنة و حورها، و ريالات الانكليز و ذهبهم المزيف ، و كان من أول من خدع بهذه المغريات و يا للأسف " فيصل الدويش " رئيس قبيلة مطير و " سلطان بن بجاد " رئيس قبيلة عتيبة و " محسن الفرم " رئيس قبيلة حرب و " أبو اثنين " رئيس قبيلة سبيع و " ملبس بن جبرين " من شيوخ قبيلة شمّر و غيرهم ممن قتلهم آل سعود أخيرا حينما اكتشفوا الخداع السعودي فساروا عليه، و بالطبع فهذه القبائل كانت تابعة لشيوخها، و بهذه الطريقة هيأ الانكليز الجو لمضغتهم عبد العزيز ونشروا أخباره و أسفاره في كل البلاد العربية و صحفها و صحف العالم ، و لكي يعزز الانكليز من مركز الفتى عبد العزيز آل سعود أخرجوه خارج الكويت بقوة كبيرة ليضرب بعض القبائل الموالية لابن الرشيد لكنه فشل ، إلا أن حكم آل الرشيد نفسه في الحقيقة قد أسدى بنوعية تركيبته خدمة كبيرة للانكليز و ابن السعود ، لكون هذا الحكم الفردي العائلي قد تقهقر إلى الوراء بعد أن فقد تلك الشخصية القوية ، شخصية محمد العبد الله الرشيد ، و أصبح كل واحد من آل الرشيد يغتصب الحكم بقتله لأخيه و ابن عمه بعد مدة وجيزة ليحكم ، بلا هدف ، فيقتله الآخر من أجل أن يحكم الناس بلا هدف إلا هدف الحكم وحده ، إلا أن حكام آل رشيد يشهد لهم أنهم لم يخادعوا الناس باسم الدين و لم يقتلوا أحداً بحجة أنهم " كفار و مشركين " كما يفعل يهود آل سعود و آل عبد الوهاب ، و لو لم يقتل آل رشيد بعضهم بعضا، و لو أن حكمهم قد قام على دعوة إصلاحية أو فكرة عقائدية اقتصادية و اجتماعية حتّى و لو كانت مزيفة ، لعاش مدة أكثر نتيجة لقوة أنصاره من شمّر و غيرهم .
و لنرجع مرة أخرى الآن إلى أقوال جون فيلبي رئيس مجلس الربع السعودي حيث بدأ الانكليز بتوجيه الضربة من الرياض ، يقول جون فيلبي : " لقد رأيت أن نقوم بالاتصال بمشايخ الدين في الرياض تمهيدا لإرسال عبد العزيز إلى الرياض و الاستيلاء عليها و جعلها مركزاً رئيسيا لحركتنا الوهابية الدينية التي اعتنقتها نظرا لبعد الرياض عن عاصمة ابن الرشيد و ضعف مركز عجلان و عامل ابن الرشيد في الرياض و قلة حراسته ، و بالفعل أرسلنا الرسل و وجدنا الطريق ممهدا أمامنا ، و بذلك أخرجنا عبد العزيز من الكويت بتاريخ 13/8/1901 و معه 250 شخصا ، و ليسوا كما قيل 40 شخصا و في رواية أخرى 20 شخصا ، و حملناهم بسيارات مسلحة إلى مقربة من الرياض ، و في ليلة 19/8/1901 كانوا يقيمون جميعا في بيت واحد من آل الشيخ داخل بساتين الشميسة و كان يتصل بهم بعض آل الشيخ الذين رتبوا لعبد العزيز طريقة الدخول إلى الرياض و اتفقوا مع زوجة عجلان و هي من أقارب عبد العزيز بأن تدخل عبد الله بن جلوي ابن عم عبد العزيز و عدد معه إلى بيتها و تخفيهم حتى إذا ما نام عجلان باغتوه و اغتالوه في فراشه فوافقت الزوجة و لكنها أظهرت مخاوفها أن يطلع عجلان على أمرهم فيقتل الجميع و اقترحت أن لا يدخلوا إلى بيتها رأسا و إنما تدخلهم إلى حظيرة البقر في البيت المجاور و تختلق للبقّار عذرا فترسله تلك الليلة بعيدا عن البيت فكانت خطة ناجحة شاركت في إنجاحها زوجة عجلان ، و في عشية ليلة 20/8/ 1901 دخل عشرون منهم إلى الرياض بثياب نسائية إلى بيت زوجة عجلان رأس و كأنهن نساء زائرات و تظاهرت زوجة عجلان بالترحيب بهن لزيارتهن لها ثم أدخلتهن إلى بيت البقر ، و انتظروا طويلا و لكن عجلان لم يأت حيث أرسل لها رسولا يخبرها بأنه سينام تلك الليلة في قصر الحكم ، و خيل للزوجة أن خطتها قد كشفت ، و كاد المريب أن يقول خذوني ، فكادت أن تطلع زوجها على الأمر اتقاء لنقمته لكنها انتظرت و أبلغت المقيمين في بيت البقر بالأمر ، و خيل لهم أيضاً أن أمرهم قد كشف ، ففكروا بالهرب و لكنهم وجدوا أخيرا أن خروجهم سيكشفهم أكثر و لم يكن من المؤكد أن يكون أمرهم قد كشف ، و بعد ساعات تبين لهم بواسطة الزوجة الثانية ستبات معه تلك الليلة ، و بذلك وضعت للمتآمرين الخطة ، و قالت لهم : باتوا هنا، و اخرجوا في الصباح لتغتالوه ، فعجلان بعد أن يصلي الصبح يشرب القهوة ثم يخرج بعد شروق الشمس ليطلع على حالة الخيل بجوار القصر و في هذه الأثناء لن يكون معه أحدا فحراسه و عددهم ثمانية عشر يرقدون في القصر بعد صلاة الصبح و هناك تتاح لكم الفرصة لقتله ، و كانت خطة منها ناجحة لقتل زوجها، ففعلوا و اتجه قسم منهم قوامه الـ 20 شخصا، و انقسم بقيتهم إلى قسمين لإمداد الأولين في حال فشلهم أو قتلهم ، و اتجهت المجموعة الأولى من قبيل الفجر نحو القصر و جعلوا من أنفسهم ضيوفا، فمثلوا دور الضيوف النائمين عند باب القصر، و لم يناموا و إنما غطى كل واحد منهم جسده و سلاحه بعباءته و تمدد على الأرض ، و لم يكن هذا المنظر مستغربا، فهو المنظر الدائم للضيوف ، و ما أكثر الضيوف ، و ما أن خرج عجلان من القصر كعادته التي أرشدتهم عنها زوجته حتّى أمطروه " الضيوف " بوابل من الرصاص ، و استطاع أن يتراجع عجلان إلى داخل باب القصر لكن رصاصة من عبد الله بن جلوي قد أدركته فسقط قتيلا و سحبوه إلى خارج القصر ، غير أن حراس القصر تمكنوا من إغلاق الباب و الاستمرار في إطلاق النار و المقاومة فقتلوا خمسة و جرحوا سبعة من جنود السعوديين الذين لحقت بهم الهزيمة لو لم تكن الإمدادات الكامنة في بيوت الشيخ قد تداركتهم و هاجمت القصر بما يزيد عن الثلاثمائة مسلح ، و رغم ذلك لم يستسلم حرس القصر إلا بعد أن عاهدهم السعوديون مقسمين بوجه الله و وجه عبد العزيز بالمحافظة على أرواحهم و إعطاءهم الخيار في الإقامة في أي مكان يريدون ، و بذلك فتح الحراس باب القصر و استسلموا، لكن السعوديين لم يفوا بعهدهم فقتلوهم شر قتلة و مزقوا أوصالهم و مثلوا بهم و بقروا بطونهم و أخذوا يقذفون بلحومهم إلى الحيطان ، و لا زالت دماءهم عالقة يشاهدها الناس في بعض جدران قصر عجلان ، الذي أصبح الآن سجنا يسمى " مصمك الرياض " ، و بعد ذلك خرج عبد العزيز حيث كان مختفيا في بيت أحد مشايخ الدين ، و كان القصد من إخفائه هو أن يخرج إذا نجحت الخطة أما إذا فشلت فنكون قد حافظنا على حياته لنعيد التجربة مرة أخرى ، و ليس صحيحا ما قيل غير ذلك أن عبد العزيز قد طرق بابا البقّار، و دخل ثم قفز إلى بيت زوجة عجلان و قفل الباب عليها ثم هجم على قصر عجلان الخ " ، فكل هذا الكلام الزائف كان بعض ما قاله أحد المشرفين على نشأة الخلق ، خلق هذه العائلة الشريرة من لا شيء، و منذ ذلك اليوم برز اسم عبد العزيز و راح الانكليز و الدجالون من سلالة عائلة الدجل الوهابية و تجار الدين ينسجون حول عبد العزيز الخرافات و يلبسونه حلل البطولات بلا قياس ، منذ ذلك اليوم ، و في ضحى ذلك اليوم أخذوا رأس عجلان و معه رؤوس الحراس يحملونها على الرماح ثم دخلوا بها المسجد و نادي المنادي في أهل الرياض أن اجتمعوا، فاجتمعوا و أذن مؤذن سعودي من تجار الدين يقول " الحكم اليوم لله و لعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود و هذه رؤوس الكفرة و المشركين و من لم يسمع و يطيع فهو مشرك و كافر مثلهم و سنجازيه بالمثل و من يريد أن يدخل في الإسلام فليسلم على أيدينا" فسكت الناس مرغمين بالقوة من ناحية و من ناحية أخرى لم يكن في حكم عجلان ما يدعو للارتياح فكلا الحكمين من نوع واحد، و استسلم شعب الرياض للحكم الواقع ، و أخذ الانكليز يساندون عبد العزيز بكل قواهم العسكرية و المالية و الاستشارية و الإدارية فقويت شوكتهم و احتلوا في جنوب نجد " الخرج و الافلاج " في عام 1320 هـ ثم في سنة 1321 هـ ، احتلوا سدير و الوشم و المحمل و القصيم ، و لم يكن اعتمادهم في طريق الاحتلال على القوة العسكرية فقط و إنما كانت الدراهم ، كان المال المزيف المال الذي ينفقه الانكليز على دابتهم السعودية بلا حساب ، فكانوا يرسلون الأموال إلى عملاء لهم في كل المدن و الصحاري الأخرى لتكييفهم لحساب ابن السعود .
في هذا الوقت رأى عبد العزيز المتعب آل رشيد الاستعانة بعدد من ضباط الجيش التركي لكونهم " مسلمين " كما يقولون حينما رأى أن خصمه عبد العزيز آل سعود يعتمد في وضع الخطط العسكرية و الاستشارية و الإدارية على ضباط من الجيش الانكليزي أكثر خبرة من جنده لكن ضباط " الرجل المريض " ضباط الجيش التركي ما كانوا بالمستوى الذي كان عليه ضباط الاستعمار البريطاني لا من حيث الخبرة و لا من حيث الإخلاص لسادتهم الاستعماريين في تنفيذ مهماتهم ، بدليل أنه في الوقت الذي كان عبد العزيز المتعب يعتمد على خبرة هؤلاء الضباط " المسلمين " الأتراك كان جون فيلبي يتصل ببعض الضباط الأتراك و يشتري بعضهم لحساب الانكليز و خدمة عميلهم عبد العزيز آل سعود لتخريب مدافع ابن الرشيد مما جعل بعض الضباط الأتراك أنفسهم يستسلمون و يسلمون مدافعهم إلى عبد العزيز آل سعود بعد أن كانت هزيمته تكون محققة في معركة البكيرية في نجد ـ و مع ذلك فقد غدر ابن سعود بالضباط الأتراك الذي سبق له أن رشاهم فأرسل رجاله إليهم و استولوا على ما معهم من ذهب و أمتعة و قتل بعضهم ، بل و غدر برجاله أخيرا و سلبهم ما غنموه منهم ثم قتل بعض رجاله و الغدر مهنة سعودية متأصلة فيه و في أهله و ذريته ، حتّى أن شخصاً اسمه فايز العلي الفايز ، من بريده ، استولى على خزينة قائد الجيش التركي و فيها 800 جنيه ذهب و مسدس ، و ما أن علم عبد العزيز بذلك حتّى بعث إليه بخادمه شلهوب يطلب تسليمه المبلغ و المسدس " كسلفه " كما قال ، و لم يردها له عبد العزيز بالطبع بل عاقبه عندما جاء يطالبه بإعادة تلك " السلفه " فيما بعد، بعد أن هاجر إلى مصر، و عاد إلى وطنه مرة أخرى بأمس حاجة لأي شيء يقتات منه .
3
لنعود الآن إلى ما حدث بسعود الثاني عام 1259 هـ الموافق 1871 م ، لقد تململ شعب الرياض من جور هذه العائلة السعودية و من تسابق أمرائها على الحكم و التحكم في رقاب الشعب مع الادعاء الزائف بحبهم للشعب و تبني مطالبه، فاجتمع الشعب في قصر الرياض في يوم 17 رجب 1288، 1871 م وأجمعوا على خلع سعود و طرده من الرياض ، فوجد أخوه عبد الله المقيم في الاحساء كالدمية في يد العثمانيين بعد أن أدخلهم إلى الاحساء، وجد أن الفرصة مواتية له فترك الاحساء و دخل الرياض يدعمه الجند العثماني ، و حيث أن شعب الرياض لم يقتل سعود الثاني و إنما اكتفى بطرده من الحكم فقد حمّل سعود ستين بعير بما سرقه من ذهب و راح يستنصر الناس لقتل أخيه عبد الله رافعا راية " الأمير الحر" فاستطاع بذلك أن يخدع البعض من قبيلة الدواسر و البعض من قبيلة عتيبة بما كذبه عليهم من أكاذيب بأنه يريد قتل أخيه عبد الله عميل بني عثمان و إبعاد الأتراك من البلاد التي سلمها لهم شقيقه عبد الله ، و استمر سعود الثاني يكذب على الدواسر و قبيلة عتيبة و على عدد آخر من أبناء نجد بأنه سيجعل الأمر شورى بينهم و يحكم البلاد بالعدل و سيترك الأمر للناس باختبار من يريدون لحكمهم الذي يرتضونه و أن آل سعود سوف لن يكون لهم صفة أو حكم ، و بمثل هذه المواعيد أخذ سعود الثاني يعدهم و يمنيهم ، و ما يعدهم آل سعود إلا غرورا، فاقتنع بعض أبناء الدواسر ، بالكذب السعودي و ساروا معه و حاصروا أخاه عبد الله في أرض الجزعة قرب الرياض فحطموه و هرب عبد الله و استولى سعود من بعده على الرياض و أعلن نفسه إماما ، وانتظر الدواسر و عتيبة أن يحقق ما وعدهم به فإذا ما وعد به سعود لم يكن سوى مواعيد سعودية ، لا يختلف ماضيهم فيها عن حاضرهم و لا أولهم عن آخرهم ، فطلبوا من سعود الثاني أن يسير بهم لتحرير الاحساء و بقية البلاد من الجند العثماني ، و لكنه ضحك عليهم بالمواعيد الكاذبة ، فبدأت معظم القبائل تطالب الجيوش العثمانية بالرحيل من البلاد، و عندما رأى سعود عزم القبائل على الثورة و تحرير البلاد من الحكم السعودي الخائن و التسلط العثماني ، أرسل لهم أخاه عبد الرحمن الفيصل ، والد الطاغية الأخير الملك عبد العزيز، أرسله إلى بغداد مخادعا بإرساله العرب ، ليقول أنه أرسله إلى الوالي التركي في بغداد ليتفاوض معه على إبعاد حكم الأتراك و إعطاءكم الحق في اختيار من تريدون ، فهدأ العرب بعد أن سافر أخوه عبد الرحمن الفيصل إلى بغداد و بقي في ضيافة الحكم العثماني و طالت غيبته فيها، إذ مكث أربع سنوات في بغداد، فعرف العرب الخديعة ، فثارت القبائل على آل سعود ، و عند ذلك أخرج الحكم العثماني عبد الرحمن آل فيصل من بغداد ليلعبوا به لعبتهم على العرب فوصل عبد الرحمن آل فيصل إلى الاحساء و ادعى أنه لم ينجح في مفاوضاته مع الأتراك ، و أنه كان يتفاوض معهم طيلة هذه المدة كما يزعم ، و لكي يحرف الحكم العثماني الثورة عن طريقها الصحيح طلبوا من عبد الرحمن آل فيصل آل سعود أن يتصل بالبادية و يقود ثورتهم ، فيحرفها عن طريقها القويم الذي أرادوا بها الخلاص من آل سعود و الحكم العثماني ، فنزل عبد الرحمن الفيصل بادية الاحساء و حثها على قتال الترك ، فاجتمع حوله العجمان ، و استولوا على الاحساء ما عدا " القلعة " في الكويت ، وفيها الحامية التركية ، بعد أن خدعهم عبد الرحمن آل فيصل طالبا منهم الانتظار حتّى يتفاوض مع الأتراك لينسحبوا ، و كان في الوقت نفسه قد ذهب للاتصال بقبيلة بني خالد فأثارها ضد بني عمهم العجمان و أن هناك خطة سرية دبرها العجمان لقتل بني خالد و هي أن العجمان ، يريدون طرد الأتراك للاستيلاء على الحكم لأنفسهم و قتلكم بعد ذلك فلهذا يجب أن تقاتلوا قبيلة العجمان مع الأتراك و أنا إذ أسر ، فصدق بنو خالد ، و انقضوا على مؤخرة بني عمهم العجمان بينما هم يحاصرون القلعة ، الحامية العثمانية ـ في الكوت بالاحساء ، و المضحك المبكي أن الذي كان يقود العجمان لم يكن سوى الفاجر نفسه عبد الرحمن آل فيصل السعود ، و بناء على الخطة المتفق عليها مع السلطات التركية انهزم عبد الرحمن بانهزام قائدهم ، و من يستدل بالبوم مصيره الخراب و في هذه المعركة : قتل بنو خالد عدداً من أبناء عمهم العجمان بسب غدر آل سعود و كذبهم و طعن من يعينهم من الخلف و ركوعهم للاعداء ضد العرب و الإنسانية و الأخلاق و الدين ، أما العجمان فلم يعلموا إلاّ أخيرا بهذه الخديعة السعودية التي جعلت بعض أبناء عمهم بني خالد يقاتلونهم إرضاء لوجه الشيطان السعودي و الاستعمار ، و كذلك بنو خالد لم يعلموا إلاّ فيما بعد هذه الخديعة السعودية التي جعلتهم يقاتلون أبناء عمهم العجمان إرضاء لوجه الشيطان السعودي و الاستعمار أيضاً، و بعد أن أوقع آل سعود بين العرب و أحس عبد الرحمن بقرب انكشاف هذه الوقيعة ، سافر إلى الرياض ، بحجة إبلاغ شقيقه سعود الثاني ، بما جرى ، و كأنه لم يكن المتسبب لما جرى ، و لكن قبيلة عتيبة لم تسكت على ما لحقها هي الأخرى من جرائم سعودية نكراء ، فثارت عتيبة بقيادة مسلط بن ربيعان فهجمت على الرياض من جهته الغربية فخرج " الإمام " سعود لقتال عتيبة و لكن عتيبة أحاطوا به و قتلوا معظم أنصاره و أصابوا سعود نفسه بجرح بليغ مات على أثره و ذلك في صيف سنة 1291 هـ الموافق 1874 م ، و بموته امتطى أخوه عبد الرحمن آل فيصل آل سعود صهوة الإمامة و قفز إلى مكانه في الحكم مدعما من الأتراك و أعلن نفسه إماما ، و استمر عبد الرحمن بن فيصل " إماما حاكما " في الرياض نحو سنة ، حيث جاء إلى الرياض أخوه الأكبر عبد الله بن فيصل و نصب نفسه " إماما " مكانه حيث انّه أحق بالمنصب من أخيه ، و أفتى مشايخ الدين الوهابي بصحة هذه الأحقية ، و لكن عبد الله الفيصل لم يدم طويلا حيث تمكن أبناء أخيه سعود من القبض عليه و حبسه يوم 12 شعبان عام 1887 م و أفتى مشايخ الدين السعودي بأحقية أولاد سعود على عمهم و بهذا النوع من تشريع تجار الدين لحكم اللصوص استنادا على مبدأ " نحن مع الغالب ضد المغلوب "، انتشرت المفاسد و تململ الناس من ظلم آل سعود وأخذت الفتن تطحن في نجد و تشتت في شعوب الجزيرة العربية ، فرأى عدد من مشايخ الدين غير الوهابيين و رؤساء القبائل في نجد أن يتصلوا بحاكم حائل آنذاك محمد العبد الله آل رشيد لنجدتهم و تخليصهم من شر هذه العائلة المتطاحنة من أجل شهواتها و في سبيل هذه الشهوات لا يهمها إلا أن يفتك الشعب بعضه ببعض ، فتوجه ابن رشيد بجموع من نجد كلها إلى الرياض ، و ضرب " أبناء سعود " و فك اسر عمهم عبد الله بن فيصل و أخذه معه إلى حائل " العاصمة آنذاك " و وضع حاكما من عنده في الرياض ثم نصب إلى جانب هذا الحاكم عبد الرحمن بن فيصل آل سعود و هكذا تم هذا بمنتهى السذاجة من محمد العبد الله الرشيد ، أو بمنتهى الحكمة العرجاء أو العدل الذي لم يتبعه آل سعود فيما بعد ، و بالطبع لم يقف عبد الرحمن هذا موقف المتفرج بل حاول أن يثير الفتنة من جديد و ينفصل بالرياض ليجعل من نفسه إماما كما فعل في السابق ، و لكن ابن الرشيد اكتشف فتنته ، و أمره بالتوجه إلى حائل ليقيم إلى جانب أخيه الأسير عبد الله الفيصل و معه عدد من مشايخ الوهابية و بذلك توقف عهد الفتاوى الباطلة و استقرت نجد كلها لقيادة ابن رشيد ، كما ورد في التواريخ " لقد ساعد على ذلك الاستقرار شخصية محمد العبد الله الرشيد ، و شهرته بالرحمة و رجاحة العقل و لين الجانب و كرمه و حبه للسلم ". و لم يعد لآل سعود و آل الشيخ أي أهمية أو أثر في إحداث أي فتنة بين المواطنين لكن هذا لم يدم طويلا ، فقد قام عبد الرحمن آل فيصل بدس نوع من السم البطيء ينبت في الصحراء بشكل شجيرات يطلق عليها " أم لبن " لشقيقه عبد الله بن فيصل ، و لما ساءت حالته في حائل طلب من ابن رشيد أن يذهب للرياض فسمح له و ذلك عام 1890 م كما أذن لأخيه عبد الرحمن ابن فيصل أن يرافقه و يسكن في الرياض أيضاً ، لكن عبد الله بن فيصل مات بعد وصوله إلى الرياض بيوم واحد ، و حاول عبد الرحمن أن يثير الفتنة من جديد يسانده تجار الفتاوى مشايخ الوهابية " آل الشيخ " و عدد من المرتزقة ، و قبضوا على عامل ابن الرشيد " ابن سبهان " و أظهر الشعب تذمره مما فعله عبد الرحمن آل سعود ، و لم يدم له الإمامة أكثر من 20 يوما حتّى حاصره جيش ابن الرشيد و دخل الرياض دون إلحاق أي ضرر بالشعب و ساعد على ذلك كره أهل الرياض للفتن السعودية و حكمها ، و استسلم عبد الرحمن آل سعود و لم يكن جوابه إلا طلب المغفرة من ابن الرشيد، و كانت حجته أن عامل ابن الرشيد قد أساء إليه و لم يوفر له ما يحتاجه من مال و طعام ، و مع ذلك تركه محمد ابن رشيد في الرياض و أمر عامله بأن يعطيه ما يحتاجه من مال و طعام ، و في هذه المرة وكّل عبد الرحمن المهمة إلى مشايخ الدين السعودي ، فذهبوا إلى القصيم كالشياطين و اتصلوا ببعض تجار الدين و الرؤساء و استطاعوا إغراء بعضهم بالوعود الكاذبة ، و أخذوا منهم البيعة لعبد الرحمن آل سعود ، و اتفقوا على مباغتة ابن الرشيد و ضربه ضربة تشله و تفصل نجد عن بعضها، و استعدوا لذلك فعلا ، و كان مشايخ الدين السعودي قد اتفقوا مع زامل آل سليم الذي تحكم عائلته مدينة عنيزة حتّى الآن بأن يجعلوه حاكما على عنيزة بدلا من " آل يحيى " كما اتفقوا مع " ابن مهنا" بأن ينصبوه في مدينة بريده بدلا من آل الخيل ، و لكن ابن الرشيد علم بذلك و انقض عليهم و قتل في هذه المعركة المكروهة المعروفة بواقعة المليدة ، زامل آل سليم ، و ابن مهنا، أما مشايخ الفتاوى و عبد الرحمن بن فيصل آل سعود فقد هربوا و معهم " حريمهم " من الرياض إلى الاحساء و أقام عبد الرحمن الفيصل سبعة أشهر فيما جمع خلالها بعض من سول لهم بمغريات السوء و هجم على الرياض و استخلصها هي و ضواحيها و لكن ابن الرشيد كرّ عليه بجيشه ، و قابله في قرية حريملا فقضى على من معه ، فتمكن عبد الرحمن بن فيصل من الهرب إلى الاحساء فالقطيف فالكويت ، و كان يدفعه لكل ذلك حكم آل عثمان الذين لم يكن محمد العبد الله الرشيد على وفاق معهم و الذين كانوا يحكمون الاحساء و القطيف في المنطقة الشرقية ، و في الكويت أقام عبد الرحمن بعد ذلك ضيفا على الحاكم العثماني قبل إعلان الحماية الانكليزية على الكويت و ذلك عام 1309 هـ 1891 م و كان يتقاضى مرتبا من الأتراك قدره " 70 روبية ، ما يعادل سبعة جنيهات إسترلينية " و من ثم أخذ ولاة الحكم العثماني في بغداد و الكويت و الاحساء و القطيف يهددون به محمد ابن الرشيد الذي كان يحارب نفوذهم في الجزيرة العربية آنذاك ، و منذ ذلك الوقت ساءت العلاقات بين محمد بن الرشيد و حاكم الكويت مبارك آل صباح ، في هذا الوقت بدأ الانكليز يحاولون فرض سيطرتهم التامة على الكويت و العراق و أجزاء كثيرة من الجزيرة العربية فاتفقوا مع عبد الرحمن آل سعود على أن يوسوس للشيخ مبارك الصباح ، و يزعم أن أخويه محمد و جراح آل صباح قد صرحا له بأنهما ينويان اغتيال أخاهما مبارك ليستأثرا بحكم الكويت ، و وعد الانكليز عبد الرحمن آل سعود أنه بعد نجاح ما يقوم به سيجعلان من الكويت منطلقا له لا عادته إلى الرياض ، و من ناحية أخرى اتصل الانكليز بالشيخ مبارك الصباح و أوعزوا له بنفس الموضوع و زعموا أن أخويه محمد و جراح قد طلبا مناصرة الانكليز في اغتيالهما لأخيهما مبارك الصباح علماً أن شيئا هذا لم يحدث ، فالأخوان محمد و جراح كانا على خلاف مع الانكليز ، هنالك هاج مبارك الصباح فقتل أخويه محمد و جراح و ذلك في أواخر 1314 هـ 1897 م و اتهم بقتلهما أحد أقاربهما وهو الشيخ يوسف ابن إبراهيم و كان هذا الشخص يقيم في البصرة ، و لم يقف الانكليز عند ذلك بل أبلغوا مبارك الصباح بأن أولاد أخويه " محمد و جراح " ينوون اغتياله ثأرا لوالديهم ، فحاول مبارك الصباح اغتيال أولاد أخويه الصغار و لكنهم هربوا و لجئوا إلى الشيخ يوسف بن إبراهيم في العراق ، و بعد ذلك بدأ الخلاف بين عائلة آل إبراهيم يناصرهم قسم من أهالي الكويت و بعض عائلة الصباح و بين الشيخ مبارك الصباح ، و جهز الشيخ يوسف بن إبراهيم حملة من العراق للاستيلاء على الكويت و لم تنجح ، و في هذه الأثناء أرسل الانكليز سفينة حربية صغيرة إلى شواطئ الكويت و قالوا أنها سفينة تركية أرسلها الأتراك لنقل مبارك الصباح إلى اسطنبول لأنه عّين عضوا في المجلس الشورى التركي بعد عزله من الحكم ، و كانت أكذوبة الانكليز هذه بداية الحماية ، فأعلن الانكليز حمايتهم للكويت .
و هددوا السفينة بإطلاق النار إذا لم تنسحب فانسحبت السفينة بالطبع لأنها انكليزية ، عندئذ بدأ الانكليز يفكرون في إبراز مطية لهم في قلب الجزيرة العربية ، و كان محمد العبد الله الرشيد قد مات بعد حكم دام 30 سنة و هي أطول فترة مرة بها حاكم من آل رشيد حيث حكم من عام 1286 هـ حتّى ما بعد عام 1315 هـ و مات موتا طبيعيا، بينما مات كل حكام آل رشيد قتلاً بل لعل فترة حكمه كانت أطول فترة مر بها حاكم في الجزيرة العربية ، و في اليوم نفسه استولى مكانه عبد العزيز المتعب الرشيد ، و هو رجل شجاع إنما ينقصه من الصفات الشخصية الحسنة التي يتحلى بها عمه العبد الله كثيرا ، و حاول الانكليز إقناع عبد العزيز المتعب الرشيد بالاستفادة من شجاعته بالسير في ركابهم ليجعلوا منه ملكا للجزيرة العربية بدلا من ابن السعود أو غيره ، لكنه أبى أن يسير معهم و لو خطوة واحدة ، و بدأت الأحوال تسوء بين الصباح و الانكليز بينما تتحسن بين الأتراك و يوسف بن إبراهيم و عبد العزيز المتعب الرشيد ، و بدأ الانكليز في البحث عن المطية ، أو القناع الذي يستتر به الانكليز للقضاء على ابن الرشيد للسير في درب العمالة ، و وضع ركيزة للانكليز في قلب الجزيرة ، فلم يجدوا أسهل من آل سعود ففاتحوا عبد الرحمن الفيصل آل سعود بالخروج من الكويت لمحاربة ابن الرشيد، و قالوا أنهم سيمدون له العون مالا و سلاحا و رجالا ، لكنه خاف و لم يعد يحتمل مقاتلة جيش عبد العزيز الرشيد ، فأغرى الانكليز مبارك الصباح حاكم الكويت و وعدوه بجعله حاكما على حائل و نجد بالإضافة إلى الكويت و غيرها فسال لعابه و وافق و بدأ يستعد للصفقة و خرج من الكويت متوجها صوب نجد و حائل ، لكن عبد العزيز المتعب الرشيد علم بذلك فاستنفر جيشه و قابل ابن صباح في ضواحي القسيم في مكان يدعى " الصريف " و ذلك في سنة 1318 هـ أول فبراير سنة 1901 م و انقضت قوات ابن الرشيد على قوات ابن صباح فأبادتها عن آخرها ، و هرب مبارك الصباح بجلده و لم يكن معه إلا نفر قليل كانوا في المؤخرة بعيدا عن المعركة ، و تعرف هذه المجزرة " بمجزرة الصريف و الطرقية " حيث لم يبق بيت من بيوت شعب الكويت إلا و فقد فيها عزيز عليه أو أكثر من جراء الجريمة الشنيعة التي كان المتسبب الأول فيها الانكليز و أطماع الحكام الذين ساقوا و ما زالوا يسوقون الشعوب مرغمة لتقابل بعضها لمصلحة الحكام ليكون للشعوب المغرم و للحكام المغنم ، إن الحروب جرائم الحكام ، و عاد مبارك الصباح بفائدة واحدة و هي أن لا فائدة لمثل هذه المعارك مع ابن الرشيد و شمّر .
يقول جون فيلبي : " لقد رأى بعض رجال المخابرات العامة أن يبرزوا لهذه المهمة فيصل الدويش رئيس قبيلة مطير فهو رجل قوي الشكيمة قوي القبيلة يستطيع أن يكون سلطانا و ملكا على الجزيرة العربية بقوة الانكليز، و لكن بعض رؤساء المخابرات الانكليزية ترددوا أخيرا لأن لصفات الدويش الشخصية هذه و القبيلة مضارها و لأن إيمانه الإسلامي صادق و اعتزازه بعروبته قوي و هذا ما سيجعل منه الشخص غير القابل للترويض و من خلال دراسة لشخصيته ثبت أنه ليس مطواعا للانكليز و لا يعتمد عليه و لهذا غض عنه النظر .، و عاد رجالنا في المخابرات الانكليزية للتكرار على عبد الرحمن آل سعود عارضين عليه عدم الخروج من الكويت بل البقاء وأن كل ما يريدوه أن يستخدموا اسمه في الحركة هذه فقد منحوه الثقة الكاملة و سيكون له جيشا بعدته و عتاده ليستولي هو وحده على الرياض فيستلمها و يجعل من الرياض قاعدة ينطلق جيشنا منها لتصفية نجد و حائل و لنصد خطر عبد العزيز المتعب الرشيد و الأتراك ، و أنه أقرب الناس إلى قلوب الانكليز "، فكرر عبد الرحمن آل سعود تخوفه من الفشل الذي سيصيبه و عرض عليهم ابنه عبد العزيز لأنه رغم صغر سنه سينفعهم لأنه شاب صغير في مستقبل العمر و بالإمكان توجيهه كما ينبغي و وافقت المخابرات البريطانية لأنه هناك ما يثبت أن هذه العائلة تنتمي إلى أصل يهودي يرجع إلى قبيلة بني القينقاع ، و كان عبد الرحمن آل فيصل آل سعود يفخر بهذا الأصل و يقول أن هذا ما يقربني من بريطانيا زلفى فالشخصية التي ستحقق تنفيذ الرغبات في حل مشكلة فلسطين لصالح اليهود لتكون لليهود أرضا يقطنونها بعد تشرد طويل " هذا ما قاله جون فيلبي ، و ليس الأصل هو المهم ، فهناك من العرب من تآمر على فلسطين و هو لا يمت إلى اليهود بصلة .
و يتابع فيلبي قوله : " و بدأ توجيه الفتى عبد العزيز و وجد الانكليز القابلية التامة فيه و الاستعداد و قوة الذاكرة لتلقي ما يملى عليه ، فقامت المخابرات الانكليزية بتجنيد حملة قوامها خمسة آلاف جندي من البدو سارت من الكويت بقيادة الكابتن شكسبير متجهة إلى حائل عبر نجد فعلم بها عبد العزيز المتعب الرشيد و قابلها بجنده في نجد " بمكان يسمى جراب ، قرب بلدة الزلفى " و أبادها و في مقدمتها قائدها الكابتن شكسبير و كان مع ابن الرشيد قبائل شمر و أهل حائل ، و الذي قتل شكسبير شخص يدعى " صالح الذعيت " هجم عليه بينما كان شكسبير يمسك بمدفعه ، و لكنه ما أن رأى الشخص يهجم عليه شاهرا سيفه حتّى أخذ القائد الانكليزي يرفع الخوذة و ينزلها من على رأسه احتراما و سلاما و استسلاما ، و لكن الذعيت لم يقبل بسلام و استسلام الانكليزي قائد الجيش السعودي المدعي بالدين الحنيف زورا بل ضربه بالسيف ضربة فصلت رأسه عن جسده و هو يردد " هذا جزاء المعتدين ، فلتمت حتّى يعلم الناس أننا لم نقتل الانكليزي شكسبير قائد جيش من زيفوا الإسلام ، وأفتوا بأننا كافرين إلا لأننا ندافع عن بلادنا ".، و لنعطي المجال لجون فيلبي مرة أخرى فهو أحق من غيره بالكلام لأنه صانع العرش ، خالق هذا الكيان السعودي الجديد و بالأصح انّه الرسول الأمين للخالق فالمخابرات الانكليزية بقضّها و قضيضها هي الخالقة للعروش ، يقول فيلبي : " بعد أن قضى شمر و أهل حائل على بعثة الكابتن شكسبير رأى المكتب الهندي " مكتب المخابرات " أن أتولى أنا شخصيا هذه المهمة الشاقة مانحاً إياي ثقته فرأيت أن لا أخيّب هذه الثقة ، رأيت أن أقدم نوعا جديدا غير ما قدمه سلفي شكسبير ، و رأيي كان الآتي : أن أخلف حسن ظن بعض رجال المخابرات الانكليزية في الشريف حسين بن علي ، و من هؤلاء الرجال " ب.أ.لورنس " أو ملك العرب غير المتوج كما يسميه البعض رغم أن كلانا ننتمي إلى شعبيتي " مخابرات " انكليزية واحدة هو يتبع للمكتب العربي في القاهرة ، و أنا أتبع للمكتب الهندي في الهند لكن له رأي و لي رأي آخر ، فهو يرى أن تستمر بريطانيا في دعمها للشريف حسين و عائلته ، أما أنا فأرى أن نحارب الشريف حسين و نخرجه و عائلته من الحجاز لنسلمها إلى عبد العزيز و عائلته ، و دعمت رأيي بما يلي :-
" أولا : إن كانت مصلحة بريطانيا قد قضت بتقوية الشريف حسين رغم كونه ينادي بالثورة العربية الكبرى فقد كان دعم الانكليز للثورة العربية الكبرى يعتبر من صالح الانكليز و قد قصد به استقطاب العرب حول الشريف للقضاء به على النفوذ التركي و إخراج الأتراك من البلاد العربية لكون الأتراك يحاربون النفوذ البريطاني باسم الإسلام و يصعب على بريطانيا محاربة دولة مسلمة تدعي أنها جاءت لخدمة الكعبة و حماية الأراضي المقدسة من جور " الكفار " و تعتبر أن الأراضي العربية كلها مقدسة بالنسبة لها و لم يكن لنا أي بد من محاربة دولة المدعين بالإسلام إلا بدولة إسلامية و عربية أيضاً و لها أيضاً من الأحقية و القداسة لدى المسلمين ما ليس لتركيا نظرا لدعوى الشريف أنه من سلالة محمد بن عبد الله نبي هذا الدين ، أما الآن و قد أصبح النفوذ التركي باطلا بعد ضربه باسم الوحدة العربية و الثورة العربية و أخذ بالانقراض ، فيجب أن لا تتركه ينقرض وحده بل و ينقرض معه النفوذ الهاشمي من الأراضي المقدسة لكيلا يستخدم هذا النفوذ ضدنا نفس السلاح الذي استخدمناه ضد الأتراك و ليكلا تستغل العائلة الهاشمية " قداستها " في المناورات السياسية و يندفع حسين بن علي في دعوة توحيد الوطن العربي تحت تاجه مدفوعا بقوة العرب المؤمنين بالوحدة حقاً، و توحيد الوطن العربي لن يكون بالطبع من صالح بريطانيا حتّى و لو جاء التوحيد هذا تحت حكم ملكي مؤيد لبريطانيا " مائة بالمائة " فقد يتغير هذا الحكم بإحدى الثورات التي تقضي على المصالح البريطانية بين عشية و ضحاها و يصبح من العسير على بريطانيا تفريق الشعور العربي الذي سيتوحد و يتقد بالعداء لبريطانيا .. ثانيا : الشريف حسين صاحب أخلاق شرسة و سوف لن يقبل بالتوقيع أو بالتساهل بجعل وطن لليهود في فلسطين حتّى و لو كان في هذا العطاء مصلحة لصديقته بريطانيا ، فهو الآن يتعامل مع بريطانيا بحسب ما تتطلبه مصلحته الشخصية ، أما عبد العزيز بن سعود فسيتعامل مع بريطانيا حسب ما تتطلبه مصلحة بريطانيا لكونه لم يكن له كيان أو صفة قبل بريطانيا وبدونها ، و على هذا الأساس سيكون على أتم استعداد لتنفيذ كل ما تريده بريطانيا ، و خاصة إعطاء فلسطين وطنا لليهود، بل هو يفخر و والده عبد الرحمن بكون اليهود أبناء عمهم ، ثم أن الذي نخلقه بأيدينا من لا شيء سوف لن يتعالى علينا مهما كان شيئا في المستقبل و كبر منصبه. أما حسين بن علي فهو ثابت قبلنا في منصبه و كل ما يكبر منصبه سيحس أنه كان أكبر من منصبه و أكبر منا، بل لقد استخدمنا سمعته عند العرب لتحسين سمعة بريطانيا العظمى بادئ الأمر "
فوافق البعض من رجال المخابرات أما البعض الأخر فقد وقف مع لورنس إلى جانب الأشراف لكن الجميع قد استسلموا لآرائي أخيرا بعدما لمسوا ذلك بأيديهم . و لهذا الموضوع قصة طويلة انتهت بنفي الشريف حسين إلى قبرص و ابتدأت بأولى عملياتي مع عبد العزيز آل سعود ، فرأيت أن لا أقود المعارك كما فعل سلفي الكابتن شكسبير فأقتل كما قتل و إنما أبقى في المؤخرة و أخطط لها فبدأت بصنع مستلزماتها و كانت ما يلي : " إطلاق لحيتي و شعر وجهي كله ، إشهار إسلامي و استبدال اسمي " جون فيلبي " باسم الشيخ محمد فيلبي ، و قد رأيت أن المصلحة بالابتعاد عن اسم " محمد " فاستبدلته باسم الحاج عبد الله فيلبي ، و وضع مرتب شهري مبدئي لعبد العزيز قدره 500 جنيه إسترليني و مبلغ 100 جنيه إسترليني لوالده عبد الرحمن ، و صك مبالغ كثيرة من العملة المزيفة " جنيهات ذهب و ريالات ماري تريزا " ، و إحضار 30000 بندقية مع ذخيرتها و كمية من المدافع الرشاشة و جعل عدد من البواخر و الطائرات تحت طلب هذه العمليات ، و تجميع أكبر عدد ممكن من آل الشيخ و الدارسين لأصول الفقه و إطلاق لحاهم كحالتي ، و صرف مرتبات ثابتة لهم ليفتوا بتكفير من يعارض عبد العزيز آل سعود و إباحة دم كل من يعارض ابن السعود و إباحة ماله وعرضه وأرضه ، و تكوين جيش متدين يلتزم بفتاوى هؤلاء " الشيوخ " التزاما كليا و يسمى " جيش الإخوان " علامتهم الفارقة "عمامة " فوق الرأس ، و شعارهم " هبّت هبوب الجنة وينك يا باغيها " أي فاحت روائح الجنة و من يريد الجنة فليتقدم للموت في سبيلها .
4
في عام 1178 هـ ـ 1765 م اتفق " أبناء يام " من أهال نجران و قبيلتي العجمان و بني خالد و تحالفوا على مقاومة الاحتلال السعودي ، تحالفوا على سحق محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب في جحورهما ، تحالف بني يام بأن يسيروا من نجران بقيادة السيد " حسن بن هبة الله " و يسير بني خالد و العجمان من الاحساء بقيادة حاكم الاحساء آنذاك " عرعر الخالدي " و تواعد الجميع على الزحف على الدرعية من نجران و الاحساء للقضاء على محمد بن سعود اليهودي و ابن عمه محمد بن عبد الوهاب و حصد دعوتهما في مهدها الدرعية ، و بالفعل سارت جموع بني يام من نجران و الاحساء و لكن السيد حسن هبة الله قد وصل بأهالي نجران إلى ضواحي الدرعية قبل وصول العجمان و بني خالد و تمكن أهالي نجران وحدهم من سحق الجند السعودي الوهابي الباطل شرّ سحقة و أسروا الأحياء منهم و اختفى محمد بن سعود و كاد ينتهي أظلم و أقذر حكم دخيل في جزيرة العرب على أيدي أهالي نجران الأبطال لو لم يلجأ محمد بن عبد الوهاب للمكر و الخداع رافعا راية الصلح على أن يقف أهالي نجران عند حدهم و يمتنعوا من دخول الدرعية و أن يسلموا ما تحت أيديهم من الأسرى السعوديين و يتعهد كل من محمد بن عبد الوهاب و محمد بن سعود بدفع عشرة آلاف جنيه ذهب كتعويض لأهالي نجران عن رحلتهم هذه و أن لا يتعدى محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب حدود الدرعية و أن لا يرفعا راية هذه الدعوة السعودية الباطلة مرة أخرى و قد شهد محمد بن عبد الوهاب ببطلان دعوته أمام أهالي نجران ، و هكذا جرى الاتفاق حرفيا بين أبناء يام و محمد بن عبد الوهاب معترفا في آخر جملة من الاتفاقية ببطلان دعوته أمام أهالي نجران ، و اتفق محمد بن عبد الوهاب نيابة عن محمد بن سعود مع أهل نجران الشجعان على ذلك . و ما أن وصلت جموع قبائل العجمان و بني خالد من الاحساء بقيادة عرعر الخالدي حتّى فوجئوا بهذا الصلح غير المرضي للعجمان و بني خالد لكنهم اضطروا لقبوله تمشيا مع ما اتخذه أبناء عمهم من بني يام من نجران ، و هكذا فشلت أول خطة ثورية رمزت إلى قوة الاتحاد بين جنوب الجزيرة و شرقها ، و لم يكن سبب فشلها إلا التصرفات الفردية للشيخ حسين بن هبة الله ، و لولا ذلك لقضي على الوجود السعودي الوهابي .، حدثت هذه الخطة الثورية في سنة 1178 هـ الموافق 1765 م رغم ما أحدثه محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب من رعب في قلوب المواطنين حيث لم يتمكنا من الخروج لمبارزة أهالي نجران و العجمان و بني خالد الذين أوقعوا الرعب في قلب اليهودي محمد بن سعود و أصيب بإسهال و مرض مرضا شديدا من جراء ما انتابه من رعب شديد حينما شاهد " أبناء يام " يحاصرون الدرعية بعد سحقهم للجند السعودي ، و قد تسبب ذلك في وفاة محمد بن سعود المؤسس الثاني لدولة آل سعود الخبيثة من جراء المرض الذي أصابه من هذا الحادث ، و بقي الطرف الثاني و الشريك محمد بن عبد الوهاب يدير شركتهما المحدودة وحيدا لتقتيل الآمنين باسم الدين ، و لكن أكبر أولاد ، محمد بن سعود ، و هو عبد العزيز بن محمد بن سعود قد تمكن من تولي منصب والده محمد بن سعود و السير في " خطة أبيه الأول " في عدم فسخ الشراكة و تأييد فتاوى محمد بن عبد الوهاب شيخ الدعوة الباطلة للشعوذة و الحكم الوراثي رافعين راية الباطل لقتل المؤمنين " باسم الله " و الله منهم و من دعوتهم براء، و كان عبد العزيز بن محمد بن سعود قد تزوج ابنة محمد بن عبد الوهاب ، و امتزج النسب الباطل ببعضه أكثر من ذي قبل ، و ما إن ازداد محمد بن عبد الوهاب قوة حتّى قام بالاتصال بيهود نجران طالبا دعمه ماليا ثم أثارهم ضد الشعب في نجران ، لكن الباطل السعودي كان أقوى على حق الشعب المغلوب ، و يرجع ذلك لسببين السبب الأول : هو دعم اليهود في العراق عن طريق تاجر يهودي يدعى الياهو كوهين ساسون لمحمد بن عبد الوهاب و شركاه آل سعود .
و السبب الثاني : هو تفكك الشعب ، فاحتلوا القصيم ، و معظم أقطار نجد ، ثم احتلوا الاحساء في عام 1208 هـ بعد مقاومة طويلة ، فقتل آل سعود و محمد بن عبد الوهاب عدداً من شيوخ بني خالد و العجمان ، و في الاحساء المطلة على شواطئ الخليج العربي اجتمع عبد العزيز بن محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب ، باثنين من رسل المخابرات الانكليز عاقدين الاتفاق معهم ضد شعبنا، و استمر دعم الانكليز لمحمد بن عبد الوهاب و نسيبه عبد العزيز بن محمد بن سعود و كانت زوجة عبد العزيز بن محمد بن سعود قد ولدت طفلا من ابنة خاله محمد بن عبد الوهاب ، و باسم هذا الطفل واصل محمد بن عبد الوهاب زحفه إلى العراق بقيادة " ابن ابنته " واسمه " سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود " فاحتلوا كربلاء في عام 1216 هـ و هدموا مساجدها و مآذنها و هدموا قبة الحسين . و صادروا أموال المواطنين و اعتدوا على نسائهم و أخذوهن سبايا و بقروا بطون الحوامل منهن و هي طريقة سعودية معتادة ثم عادوا إلى الحجاز فاحتلوا مكة و جدة في 17 محرم 1218 هـ و كانوا قبلها قد احتلوا جدة و المدينة المنورة ، و لكن أبناء الحجاز ما لبثوا استعادوا الحجاز و طهروه من رجس الوهابية اليهودية السعودية ، و في 10 رجب 1218 هـ قام أحد الأبطال و يدعى محمد بن ناجي اليامي بقتل عبد العزيز بن محمد بن سعود بعدة طعنات من خنجره أودت بحياة عبد العزيز ، و قد أشاع آل سعود بعد ذلك أن أحد الأجانب الكفرة المشركين من كربلاء هو الذي اغتال عبد العزيز و هو في الصلاة انتقاما ، هكذا قال محمد بن عبد الوهاب ، و لا نعلم كيف يبيح محمد بن عبد الوهاب و شركاه الاعتداء على الشعب في كربلاء ما دامت كربلاء أجنبية و لا يبيح الطغاة لأبناء كربلاء رد العدوان بالقصاص .لقد قتل عبد العزيز الأول لأنه لا يقل إجراما عن حفيده الأخير الملك الطاغية عبد العزيز جرما و بطشا بالآمنين و دجلا باسم الدين و الدين منهم براء. و بعد مقتل عبد العزيز بن محمد بن سعود تولى من بعده ابنه سعود الأول ، ابن بنت محمد بن عبد الوهاب ، و لكن الشعب أبى أن يبايع سعود و قاومه الشعب في العراق حتّى تحررت منه الأجزاء التي استولى عليها من العراق ، و بقي يدعمه جده محمد بن عبد الوهاب بالفتاوى الباطلة و أموال اليهود و الإنكليز و استمر حكمه الطاغي إحدى عشر سنة من عام 1218 إلى 1299 هـ سار خلالها لاحتلال الحجاز مرة أخرى ثم سار لاحتلال الشام و العراق و رأس الخيمة في عمان و لكنه دحر في الشام و العراق و عمان ثم سار لاحتلال اليمن و وصل إلى زبيد و لكن شعب اليمن المكافح دحره و قتل الكثير من جنده الفاسد و هرب مذعورا رغم دعم الانكليز و اليهود له ، و كانت عقلية سعود الأول سخيفة لا تشابهها إلاّ عقلية بعض أخلافه ، لقد كان مغرورا بخيوله ، كان يحب الحريم و الرقيق و الخيول كان يدعمه الانكليز و اليهود ، كان لكل ولد من أولاده حرس خياله قدرهم 200 يضاف إلى ذلك عدد من الإبل و الحريم التي يختطفهن و يسلبهن من ذويهن ظلما و زورا، و بهذه الطريقة احتل الحجاز مرة أخرى عام 1220 بعد مقاومة قاسية من أبناء الحجاز و راح يهدم في الأماكن المقدسة بحجة أنه يخشى أن يعبدها الناس ، و فرض على أبناء الحجاز أن يدرسوا رسائل جده محمد بن عبد الوهاب و الكتب السخيفة التي وضعها آل الشيخ أي آل عبد الوهاب و الوهابيين و بقي هذا الحكم السعودي يسوم الحجاز من عام 1220 حتّى عام 1228 هـ و الأماكن المقدسة تلاقي من سعود و آله و تجار دينهم في السابق ما تلاقيه الآن من آل سعود و تجار دينهم الباطل .
5
في سنة 1220 هـ قام " سعود الأول " بعد أن احتل الحجاز بتعاون مع العثمانيين و ارتكب أنواع الجرائم في الحجاز غير عابئ بقدسيتها ، قام هذا المخبول بأعمال منكرة جدا ، إلا أنها مضحكة جدا ، فقد منع على المصريين و السوريين و العراقيين أن يحجوا ، بحجة أنه يخشى منهم و انه لا يعجبه إسلامهم .، ففي سنة 1220 هـ أبلغ الأمير سعود الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود لأميري الحج المصري و الشامي : أن أهالي مصر و الشام إذا تقدموا للحج بطريقة المحامل بعد هذا العام " يقصد تجميع الحجاج بالمحامل المصرية و الشامية لتصد رد أية عدوان على الحجيج " فانه سيكسّر المحمل الشامي و المصري ، و أقتل جميع الحجاج ، و كذلك شروط أخرى على أهالي مصر و الشام أن لا يحلقوا لحاهم ، و أن لا يذكروا الله بأصوات عالية ، أو و أن لا يتنادوا بقولهم " يا محمد " و أن يدفع كل حاج منكم جزيه قدرها عشرة جنيهات من الذهب لجيبي الخاص ، و أن يدفع أمير الحج المصري و السوري كل منهم عشر جواري و عشرة غلمان لون أبيض كل سنة .
إنها شروط قاسية و مضحكة قصدوا بها إبعاد الحجاج ، و يقول السيد دحلان في تاريخه : " أن سعود قد أحرق المحمل المصري و المحمل الشامي وأمر مناديا ينادي بالناس في الحج بأن لا يأتي أي إنسان للحج في العام الآتي من أي جهة من العالم و هو حليق اللحية ، فراح الحجاج المصريون في عام 1220 هـ غاضبين و لكنهم غير آبهين بطلبات سعود الأول المجنونة ، و في عام 1221 هـ كتب سعود الأول إلى أمير الحج الشامي و كان أمير الحج قد وصل بالحجاج إلى قرب المدينة المنورة ، يقول له : لا تدخل الحجاز إلا على الشروط التي شرطناها في العالم الماضي ، فرجع حجاج الشام تلك السنة من غير حج ، أما حجاج مصر فقد امتنعوا من أنفسهم و لم يحجوا تلك السنة و هم على مضض ، مما جعلهم يتضجرون غيظا على الحكم السعودي المتوحش .
و يقول العلامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم 1221 هـ السعودية : " إن سعودا حشد جيوشا عظيمة قرب المدينة المنورة و أمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر و الشام فرجع المحمل الشامي إلى وطنه و كان أميره عبد الله باشا العظم ، ثم بعد ذلك قام سعود بإبعاد آلاف العرب من مكة و أعظمهم من أبناء الحجاز نفسها و اليمن و العراق و كذلك سافر إلى المدينة و فعل فيها مثلما فعل في مكة ، و قد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر و الشام و اليمن و السودان و تركيا و أماكن شتى من العالم فأسرعوا في كشف فضائح الوحوش السعوديين ، في الوقت الذي كان فيه سعود الأول يتبادل هدايا الجواهر و الجواري و الغلمان مع شاه إيران بهلوي الأول و يأخذ الأموال من اليهود " كإعانة له على خدمة الحرمين " كما يزعم و قد أغضب هذا الفعل السعودي أهالي نجد و علماء نجد الصالحين من غير آل الشيخ طبعا، أي من غير أسرة محمد بن عبد الوهاب ، و ما فعله سعود الأول بالحجاج يذكرنا بما تفعله بقية الأسرة السعودية بالحجاج أيضاً فقد أعادت الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 و أعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر و رفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة ، أما جنيهات إسترلينية أو دولارات أمريكية ، و ما فعله آل سعود مع أبناء مصر فعلوه مع أبناء اليمن فقد منعوهم من الحج حين قامت الثورة ضد حكم الإمام المتأخر أحمد بن يحيى الدين ، أما أهالي الحجاز فقد مقتوا الحكم السعودي الإجرامي منذ بدايته ، و امتنع الكثير من الحجاج العرب في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات مُقسمين " أن لا يحجوا حتّى يطهروا قبلتهم من الرجس ، أما أهالي مصر و الشام و اليمن فقد امتنعوا عن الحج كليا طيلة ست سنوات ، و في سنة 1226 هـ بدأت حملات التحرير العسكرية من مصر إلى الحجاز بعد أن ضغط أهل مصر على حكامهم الأتراك فاستولت الحملة على ينبع و حررتها في نفس السنة 1226 هـ و بما أن مصر نفسها كانت تحت حكم العثمانيين آنذاك فقد أصدر السلطان سليم الأمر إلى محمد علي باشا حيث بعث محمد علي بطوسون على رأس حملة التحرير العسكرية المصرية ، لكن قادة الحملة العثمانية تآمروا مع سعود الأول بعد أن تبادل معهم الهدايا و أقنعهم أنه سوف ينفذ أوامر خلافتهم على الحرمين كما يريدون على شرط : أن لا يمكنوا أعداء آل سعود المصريين و الشوام من التدخل و الانتصار عليه .
فتراجع القائد طوسون و ادعى أنه انكسر أمام الجيوش السعودية و لكن هذه الفعلة النكراء أثارت العرب و المسلمين في اليمن و قلب الجزيرة العربية و في الشام و مصر بوجه خاص فبدأ الضغط العربي على الأتراك من جهة ، و اقتنع محمد علي حاكم مصر من جهة أخرى بأنه لا عزة لهذه المنطقة كلها ما لم تجتث العائلة السعودية و العائلة الوهابية من جذورهما ، فجمع قادته في القاهرة و من بينهم ابنه إبراهيم باشا و طلب منهم إعطاء الرأي بالطريقة التي يرونها للتخلص من الأسرتين الشريرتين ، فأخذ كل واحد يبدي رأيه ، فقام محمد علي و أحضر تفاحة وضعها في وسط سجادة كبيرة مفروشة في مجلسه ثم طلب من كل واحد من الحاضرين أن يأخذ التفاحة دون أن تطأ قدمه على السجادة ، فاحتار الجميع إلا أن ابنه إبراهيم باشا لم يعجزه الحل فطوي السجادة من طرفها بيديه دون أن تطأ رجليه السجادة حتّى وصل إلى التفاحة فأخذها و أكلها، فوقف له والده احتراما ثم قال : أردت بذلك أن أختبر ذكائك بهذه الطريقة لأقول لك بعد هذا أنت الذي سيكون لك شرف تخليص العرب و الجزيرة العربية و المسلمين و الديار المقدسة من هذه النكبة بهاتين الأسرتين الوهابية و السعودية " فانطلق إبراهيم باشا يطوي طغاة الجزيرة العربية واحدا تلو الأخر مثلما طوي تلك السجادة التي طواها في القاهرة . و في سنة 1228 هـ تمكن العرب بقيادة إبراهيم باشا من تحرير مكة و المدينة المنورة و الطائف من رجس السعودية " اليهودية " ، و يقول السيد دحلان في تاريخه أنه حاول سعود هذه المرة أن يخادع العرب و أن يفعل مع العثمانيين ما فعله في المرة الأولى معهم تبادل الهدايا و الخضوع لسلطانهم ، فأرسل إلى السلطان محمد علي باشا طالبا الصلح و أن يفتدي بالمال عثمان المضايفي عامله السعودي على الطائف ، و لكن مساعي الصلح السعودية لم تتم حيث اشترط العرب على رسول سعود شروط " أن يقوم سعود بدفع كل المصاريف التي أنفقت على الحملة العسكرية ، و أن يقوم سعود برد كل المجوهرات و الأموال التي كانت بالحجرة النبوية ، و أن يقوم سعود بدفع الدية لأبناء الحجاز و أبناء مصر الذين قتلهم ، و أن يحضر سعود بنفسه لتسليم نفسه للقيادة ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم بحق العرب و المسلمين ، و بالطبع لم يفعل هذا سعود و إنما بقي في الدرعية لا يخرج منها و يحشد جنده للدفاع عن نفسه لأنه أمن أنه لا محالة له من الموت و أن العرب قد عزموا على تحرير بلادهم من جرائم ظلمه و ما أن تحررت الحجاز و بدأ الزحف العربي المقدس أصيب سعود بإسهال شديد و حمّى و هو نفس المرض الذي أصيب به جده محمد بن سعود حينما حاصره أهالي نجران في الدرعية عام 1178 هـ 1765م فمات سعود قبل وصول حملة التحرير العسكرية العربية إلى الدرعية في 7 ربيع الثاني سنة 1229 هـ الموافق 1814م .
توفي سعود من شدة الخوف و الهلع ، بالدرعية على اثر الإسهال و حمى الخوف التي أصيب بها من حملة التحرير العربية رغم ما قاله أصحاب التواريخ عن عظمة هذا " السعود " و قوة شخصيته و جبروته و صلابته ، التي هي صلابة الطواغيت و الجبناء في عهد الرخاء ضد المغلوبين على أمرهم و الضعفاء ، و قبل وصول حملة التحرير العربية ، استولى ابنه عبد الله بن سعود على الحكم في الدرعية و وقف إلى جانبه شركاؤهم في الباطل أنفسهم آل الشيخ ، أي آل محمد بن عبد الوهاب غير أن الصالحين من علماء نجد لم يوافقوا على ذلك كعادتهم فوقفوا إلى جانب الشعب و العرب و الدين الصحيح لا الدين السعودي اليهودي و حاول ملك اليمن الأسبق أن يتعاون مع آل سعود و يخرج أبناء اليمن لضرب مؤخرة جيش التحرير العربي إلا أن أبناء اليمن أبوا ذلك و وقفوا بعيدا ثم عادوا بعد أن انضم عدد كبير من جيش اليمن إلى جيش تحرير الجزيرة العربية ، ثم ثار أبناء عمان و قتلوا والي آل سعود و ساروا مع جيش التحرير العربي ، و وقف علماء الدين الصالحين في القصيم و نجد يعلنون براءتهم من جرائم آل سعود و آل الشيخ عبد الوهاب و يحملون هاتين الأسرتين تبعة كل الجرائم قائلين في المساجد: " لن يظهر دين الحق ما لم نطهر هذا الدين من هاتين العائلتين الفاسدتين بالدين و الدنيا و رقاب العرب و المسلمين " .، أما آل الشيخ فقد وقفوا يدافعون عن أنفسهم الضالة بدفع هذه التهمة عنهم و يشتمون علماء نجد و القصيم و يتهمونهم بموالاة المصريين و ينسبون كل ما وقع من جرائم و فتن و محن إلى " ذنوب المواطنين و التقصير في دين الله و لهذا ابتلاهم الله بشتى المحن ، وكذلك يزعمون .
أما حملة تحرير الجزيرة فقد سارت و لم توقفها فتاوى اليهود حتّى وصلت الدرعية و القي القبض على عبد الله بن سعود و ابعد إلى مصر في عام 1234 هـ و قتل عدد من آل الشيخ الذين أجرموا بحق شعبنا، و بذلك انتهت الفتنة السعودية إنما إلى حين ، لأن هذه الشجرة السعودية الخبيثة لم تستأصل من جذورها بعد، فقد تركت بعض الجذور و نمت من جديد بعد أن عاد جيش مصر إلى بلاده تاركا الجزيرة العربية ، فجاء مشاري بن سعود إلى الدرعية في جمادي الأول سنة 1235 هـ و انتزع الحكم ، لكنه لم يدم طويلا فقد قتله شعبنا في نجد ، إلا أنه بعد شهر من قتله خرج من بعده تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في عام 1235 هـ فقتل عددا من أبناء نجد، و أنشأ الدولة الثالثة لسلالة آل سعود و ذلك في سنة 1235 هـ فحاصره أهالي نجد ليقتلوه لكنه هرب من الرياض و ذهب ليتفق مع العثمانيين على أن يساعدوه لإنشاء حكم سعودي يكون فيه خادمهم المطيع فأعاده بنو عثمان ، و بقي حتّى عام 1249 هـ حيث قتله أبناء نجد فجاء من بعده مشاري بن عبد الرحمن بن سعود فانخدع به بعض السذج حيث أعلن عن نفسه " بأنه أميرا مؤمنا حرا " ، كما يعلن الآن بعض الأمراء عن أنفسهم ، فحاول فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي كان في مدينة القطيف حينما اغتيل والده تركي ، أن يستولي على الحكم في الرياض ، لكنه فشل لأنه لم يجد من يناصره من شعبنا الذي تململ من الحكم السعودي و أدرك أي مواطن انّه حينما يقاتل من أجل آل سعود فإنما يقاتل من أجل الشيطان لا من أجل وطنه ، إلا أن فيصل بن تركي بن عبد الله عاد إلى الضحك على العقول الساذجة من جديد فراح يتظاهر بالتقوى و الصلاح و الإيمان بحق الرعية و حق الله كما يتظاهر أمثاله الآن من بعض الأمراء السعوديين ، و مع هذا فلم ينخدع به أحد ، إلا عبد الله ابن الرشيد، ففي عام 1250 هـ1835 م جاء إليه عبد الله بن الرشيد لرفع مستواه و تحكيمه في البلاد .
إنها شروط قاسية و مضحكة قصدوا بها إبعاد الحجاج ، و يقول السيد دحلان في تاريخه : " أن سعود قد أحرق المحمل المصري و المحمل الشامي وأمر مناديا ينادي بالناس في الحج بأن لا يأتي أي إنسان للحج في العام الآتي من أي جهة من العالم و هو حليق اللحية ، فراح الحجاج المصريون في عام 1220 هـ غاضبين و لكنهم غير آبهين بطلبات سعود الأول المجنونة ، و في عام 1221 هـ كتب سعود الأول إلى أمير الحج الشامي و كان أمير الحج قد وصل بالحجاج إلى قرب المدينة المنورة ، يقول له : لا تدخل الحجاز إلا على الشروط التي شرطناها في العالم الماضي ، فرجع حجاج الشام تلك السنة من غير حج ، أما حجاج مصر فقد امتنعوا من أنفسهم و لم يحجوا تلك السنة و هم على مضض ، مما جعلهم يتضجرون غيظا على الحكم السعودي المتوحش .
و يقول العلامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم 1221 هـ السعودية : " إن سعودا حشد جيوشا عظيمة قرب المدينة المنورة و أمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر و الشام فرجع المحمل الشامي إلى وطنه و كان أميره عبد الله باشا العظم ، ثم بعد ذلك قام سعود بإبعاد آلاف العرب من مكة و أعظمهم من أبناء الحجاز نفسها و اليمن و العراق و كذلك سافر إلى المدينة و فعل فيها مثلما فعل في مكة ، و قد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر و الشام و اليمن و السودان و تركيا و أماكن شتى من العالم فأسرعوا في كشف فضائح الوحوش السعوديين ، في الوقت الذي كان فيه سعود الأول يتبادل هدايا الجواهر و الجواري و الغلمان مع شاه إيران بهلوي الأول و يأخذ الأموال من اليهود " كإعانة له على خدمة الحرمين " كما يزعم و قد أغضب هذا الفعل السعودي أهالي نجد و علماء نجد الصالحين من غير آل الشيخ طبعا، أي من غير أسرة محمد بن عبد الوهاب ، و ما فعله سعود الأول بالحجاج يذكرنا بما تفعله بقية الأسرة السعودية بالحجاج أيضاً فقد أعادت الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 و أعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر و رفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة ، أما جنيهات إسترلينية أو دولارات أمريكية ، و ما فعله آل سعود مع أبناء مصر فعلوه مع أبناء اليمن فقد منعوهم من الحج حين قامت الثورة ضد حكم الإمام المتأخر أحمد بن يحيى الدين ، أما أهالي الحجاز فقد مقتوا الحكم السعودي الإجرامي منذ بدايته ، و امتنع الكثير من الحجاج العرب في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات مُقسمين " أن لا يحجوا حتّى يطهروا قبلتهم من الرجس ، أما أهالي مصر و الشام و اليمن فقد امتنعوا عن الحج كليا طيلة ست سنوات ، و في سنة 1226 هـ بدأت حملات التحرير العسكرية من مصر إلى الحجاز بعد أن ضغط أهل مصر على حكامهم الأتراك فاستولت الحملة على ينبع و حررتها في نفس السنة 1226 هـ و بما أن مصر نفسها كانت تحت حكم العثمانيين آنذاك فقد أصدر السلطان سليم الأمر إلى محمد علي باشا حيث بعث محمد علي بطوسون على رأس حملة التحرير العسكرية المصرية ، لكن قادة الحملة العثمانية تآمروا مع سعود الأول بعد أن تبادل معهم الهدايا و أقنعهم أنه سوف ينفذ أوامر خلافتهم على الحرمين كما يريدون على شرط : أن لا يمكنوا أعداء آل سعود المصريين و الشوام من التدخل و الانتصار عليه .
فتراجع القائد طوسون و ادعى أنه انكسر أمام الجيوش السعودية و لكن هذه الفعلة النكراء أثارت العرب و المسلمين في اليمن و قلب الجزيرة العربية و في الشام و مصر بوجه خاص فبدأ الضغط العربي على الأتراك من جهة ، و اقتنع محمد علي حاكم مصر من جهة أخرى بأنه لا عزة لهذه المنطقة كلها ما لم تجتث العائلة السعودية و العائلة الوهابية من جذورهما ، فجمع قادته في القاهرة و من بينهم ابنه إبراهيم باشا و طلب منهم إعطاء الرأي بالطريقة التي يرونها للتخلص من الأسرتين الشريرتين ، فأخذ كل واحد يبدي رأيه ، فقام محمد علي و أحضر تفاحة وضعها في وسط سجادة كبيرة مفروشة في مجلسه ثم طلب من كل واحد من الحاضرين أن يأخذ التفاحة دون أن تطأ قدمه على السجادة ، فاحتار الجميع إلا أن ابنه إبراهيم باشا لم يعجزه الحل فطوي السجادة من طرفها بيديه دون أن تطأ رجليه السجادة حتّى وصل إلى التفاحة فأخذها و أكلها، فوقف له والده احتراما ثم قال : أردت بذلك أن أختبر ذكائك بهذه الطريقة لأقول لك بعد هذا أنت الذي سيكون لك شرف تخليص العرب و الجزيرة العربية و المسلمين و الديار المقدسة من هذه النكبة بهاتين الأسرتين الوهابية و السعودية " فانطلق إبراهيم باشا يطوي طغاة الجزيرة العربية واحدا تلو الأخر مثلما طوي تلك السجادة التي طواها في القاهرة . و في سنة 1228 هـ تمكن العرب بقيادة إبراهيم باشا من تحرير مكة و المدينة المنورة و الطائف من رجس السعودية " اليهودية " ، و يقول السيد دحلان في تاريخه أنه حاول سعود هذه المرة أن يخادع العرب و أن يفعل مع العثمانيين ما فعله في المرة الأولى معهم تبادل الهدايا و الخضوع لسلطانهم ، فأرسل إلى السلطان محمد علي باشا طالبا الصلح و أن يفتدي بالمال عثمان المضايفي عامله السعودي على الطائف ، و لكن مساعي الصلح السعودية لم تتم حيث اشترط العرب على رسول سعود شروط " أن يقوم سعود بدفع كل المصاريف التي أنفقت على الحملة العسكرية ، و أن يقوم سعود برد كل المجوهرات و الأموال التي كانت بالحجرة النبوية ، و أن يقوم سعود بدفع الدية لأبناء الحجاز و أبناء مصر الذين قتلهم ، و أن يحضر سعود بنفسه لتسليم نفسه للقيادة ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم بحق العرب و المسلمين ، و بالطبع لم يفعل هذا سعود و إنما بقي في الدرعية لا يخرج منها و يحشد جنده للدفاع عن نفسه لأنه أمن أنه لا محالة له من الموت و أن العرب قد عزموا على تحرير بلادهم من جرائم ظلمه و ما أن تحررت الحجاز و بدأ الزحف العربي المقدس أصيب سعود بإسهال شديد و حمّى و هو نفس المرض الذي أصيب به جده محمد بن سعود حينما حاصره أهالي نجران في الدرعية عام 1178 هـ 1765م فمات سعود قبل وصول حملة التحرير العسكرية العربية إلى الدرعية في 7 ربيع الثاني سنة 1229 هـ الموافق 1814م .
توفي سعود من شدة الخوف و الهلع ، بالدرعية على اثر الإسهال و حمى الخوف التي أصيب بها من حملة التحرير العربية رغم ما قاله أصحاب التواريخ عن عظمة هذا " السعود " و قوة شخصيته و جبروته و صلابته ، التي هي صلابة الطواغيت و الجبناء في عهد الرخاء ضد المغلوبين على أمرهم و الضعفاء ، و قبل وصول حملة التحرير العربية ، استولى ابنه عبد الله بن سعود على الحكم في الدرعية و وقف إلى جانبه شركاؤهم في الباطل أنفسهم آل الشيخ ، أي آل محمد بن عبد الوهاب غير أن الصالحين من علماء نجد لم يوافقوا على ذلك كعادتهم فوقفوا إلى جانب الشعب و العرب و الدين الصحيح لا الدين السعودي اليهودي و حاول ملك اليمن الأسبق أن يتعاون مع آل سعود و يخرج أبناء اليمن لضرب مؤخرة جيش التحرير العربي إلا أن أبناء اليمن أبوا ذلك و وقفوا بعيدا ثم عادوا بعد أن انضم عدد كبير من جيش اليمن إلى جيش تحرير الجزيرة العربية ، ثم ثار أبناء عمان و قتلوا والي آل سعود و ساروا مع جيش التحرير العربي ، و وقف علماء الدين الصالحين في القصيم و نجد يعلنون براءتهم من جرائم آل سعود و آل الشيخ عبد الوهاب و يحملون هاتين الأسرتين تبعة كل الجرائم قائلين في المساجد: " لن يظهر دين الحق ما لم نطهر هذا الدين من هاتين العائلتين الفاسدتين بالدين و الدنيا و رقاب العرب و المسلمين " .، أما آل الشيخ فقد وقفوا يدافعون عن أنفسهم الضالة بدفع هذه التهمة عنهم و يشتمون علماء نجد و القصيم و يتهمونهم بموالاة المصريين و ينسبون كل ما وقع من جرائم و فتن و محن إلى " ذنوب المواطنين و التقصير في دين الله و لهذا ابتلاهم الله بشتى المحن ، وكذلك يزعمون .
أما حملة تحرير الجزيرة فقد سارت و لم توقفها فتاوى اليهود حتّى وصلت الدرعية و القي القبض على عبد الله بن سعود و ابعد إلى مصر في عام 1234 هـ و قتل عدد من آل الشيخ الذين أجرموا بحق شعبنا، و بذلك انتهت الفتنة السعودية إنما إلى حين ، لأن هذه الشجرة السعودية الخبيثة لم تستأصل من جذورها بعد، فقد تركت بعض الجذور و نمت من جديد بعد أن عاد جيش مصر إلى بلاده تاركا الجزيرة العربية ، فجاء مشاري بن سعود إلى الدرعية في جمادي الأول سنة 1235 هـ و انتزع الحكم ، لكنه لم يدم طويلا فقد قتله شعبنا في نجد ، إلا أنه بعد شهر من قتله خرج من بعده تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في عام 1235 هـ فقتل عددا من أبناء نجد، و أنشأ الدولة الثالثة لسلالة آل سعود و ذلك في سنة 1235 هـ فحاصره أهالي نجد ليقتلوه لكنه هرب من الرياض و ذهب ليتفق مع العثمانيين على أن يساعدوه لإنشاء حكم سعودي يكون فيه خادمهم المطيع فأعاده بنو عثمان ، و بقي حتّى عام 1249 هـ حيث قتله أبناء نجد فجاء من بعده مشاري بن عبد الرحمن بن سعود فانخدع به بعض السذج حيث أعلن عن نفسه " بأنه أميرا مؤمنا حرا " ، كما يعلن الآن بعض الأمراء عن أنفسهم ، فحاول فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي كان في مدينة القطيف حينما اغتيل والده تركي ، أن يستولي على الحكم في الرياض ، لكنه فشل لأنه لم يجد من يناصره من شعبنا الذي تململ من الحكم السعودي و أدرك أي مواطن انّه حينما يقاتل من أجل آل سعود فإنما يقاتل من أجل الشيطان لا من أجل وطنه ، إلا أن فيصل بن تركي بن عبد الله عاد إلى الضحك على العقول الساذجة من جديد فراح يتظاهر بالتقوى و الصلاح و الإيمان بحق الرعية و حق الله كما يتظاهر أمثاله الآن من بعض الأمراء السعوديين ، و مع هذا فلم ينخدع به أحد ، إلا عبد الله ابن الرشيد، ففي عام 1250 هـ1835 م جاء إليه عبد الله بن الرشيد لرفع مستواه و تحكيمه في البلاد .
6
ولكي نؤكد أن آل سعود إلا صهاينة تلبسوا بلباس العروبة و الدين ، نوضح هنا بعض أعمالهم الإجرامية ضد العروبة و الدين و شعائر الدين ، حينما دمروا أول مكان نشأت فيها الدعوة الإنسانية و لم يتركوها حتّى و لو من باب و أنها آثارا عربية ، و منطلق كفاح خالد و ملاجئ لمحمد حينما كان يطارده الأعداء و يكافح كفاح المؤمنين الصديقين الأبطال لا نجاح رسالته مقسما ذلك القسم التاريخي العظيم عندما اشتدت عليه وطأة الظلم : " والله لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في شمالي لن أرجع عن هذه الدعوة حتّى تنجح أو أموت في سبيله "
و لكن كيف يرجى من صهاينة آل سعود الذين أمروا جندهم المخدوع بهدم كل أثر من آثار تاريخ أجدادنا العظام و رسالتنا الخالدة ، تصورا ماذا فعل هؤلاء السعوديون اليهود من هدم الأماكن الخالدة و الإسلامية و التاريخية
. هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه النبي العربي محمد بن عبد الله بشعب الهواشم بمكة .
. هدم آل سعود بيت السيدة خديجة بنت خويلد، زوجة النبي أول امرأة آمنت برسالته الإنسانية .
. هدم آل سعود بيت أبي بكر الصديق و يقع بمحلة المسفلة بمكة .
. هدم آل سعود البيت الذي ولدت فيه فاطمة بنت محمد، وهو في زقاق الحجر بمكة .
. هدم آل سعود بيت حمزة بن عبد المطلب عم النبي وأول شهيد في الإسلام قال عنه النبي محبذا باستشهاده استشهاد كل من يحارب الطغيان : " أول شهيد في الإسلام حمزة و ثاني شهيد من حارب حاكم ظالم و أمره و نهاه فقتله " و يقع بيته في المسفلة بمكة .
. هدم آل سعود بيت الأرقم أول بيت تكونت فيه الخلايا الثورية المحمدية وكان يجتمع فيه الرسول سرا مع أصحابه حيث قامت الدعوة من هذا البيت ، و في هذا البيت تمت أول مقابلة تاريخية بعد عداء شرس بين محمد و عمر حينما أعلن عمر بن الخطاب في هذا البيت إيمانه برسالة محمد و انتصرت بذلك الثورة المحمدية انتصارها الأول ، و صعقت الرأسمالية القرشية حينما خرج " بلال " ليؤذن بالثورة بأمر من عمر الذي قال له : " أذن يا بلال أن الدين جهرا " كما تمت في هذا البيت أول مقابلة لمحمد مع الاشتراكي العظيم خامس واحد في الإسلام ، أبي ذر الغفاري الذي شهد له النبي العربي محمد بقوله : " ما حملت الغبراء ولا أظّلت السماء ذو لهجة صادقة مثل أبي ذر الغفاري " و يقع هذا البيت بجوار الصفا بمكة أما الآن فقد شيّد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى السعودية الباطلة عبد الملك بن إبراهيم ليتاجر به و ذريته و يفسدون .
. هدم آل سعود قبور الشهداء الواقعة في المعلى بأعلى مكة و بعثروا رفاتهم .
. هدم آل سعود قبور الشهداء في بدر و كذلك هدموا مكان العريش " التاريخي " الذي نصب للنبي العربي القائد الأعظم و هو يشرف و يقود معركة الفقراء المسحوقين ضد أغنياء اليهود و قريش .
. هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين .
. هدم آل سعود بيت حمزة بن عبد المطلب عم النبي وأول شهيد في الإسلام قال عنه النبي محبذا باستشهاده استشهاد كل من يحارب الطغيان : " أول شهيد في الإسلام حمزة و ثاني شهيد من حارب حاكم ظالم و أمره و نهاه فقتله " و يقع بيته في المسفلة بمكة .
. هدم آل سعود بيت الأرقم أول بيت تكونت فيه الخلايا الثورية المحمدية وكان يجتمع فيه الرسول سرا مع أصحابه حيث قامت الدعوة من هذا البيت ، و في هذا البيت تمت أول مقابلة تاريخية بعد عداء شرس بين محمد و عمر حينما أعلن عمر بن الخطاب في هذا البيت إيمانه برسالة محمد و انتصرت بذلك الثورة المحمدية انتصارها الأول ، و صعقت الرأسمالية القرشية حينما خرج " بلال " ليؤذن بالثورة بأمر من عمر الذي قال له : " أذن يا بلال أن الدين جهرا " كما تمت في هذا البيت أول مقابلة لمحمد مع الاشتراكي العظيم خامس واحد في الإسلام ، أبي ذر الغفاري الذي شهد له النبي العربي محمد بقوله : " ما حملت الغبراء ولا أظّلت السماء ذو لهجة صادقة مثل أبي ذر الغفاري " و يقع هذا البيت بجوار الصفا بمكة أما الآن فقد شيّد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى السعودية الباطلة عبد الملك بن إبراهيم ليتاجر به و ذريته و يفسدون .
. هدم آل سعود قبور الشهداء الواقعة في المعلى بأعلى مكة و بعثروا رفاتهم .
. هدم آل سعود قبور الشهداء في بدر و كذلك هدموا مكان العريش " التاريخي " الذي نصب للنبي العربي القائد الأعظم و هو يشرف و يقود معركة الفقراء المسحوقين ضد أغنياء اليهود و قريش .
. هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين .
. سرق آل سعود الذهب الموجود في القبة الخضراء و وضعوه سيوفا و خناجر و أحزمة تربط في أسفلها أغطية ذهبية لفروج حريمهم ، و قباقيب ذهبية و أحذية و خواتم و خلاخيل و أساور .
. دمر آل سعود بقيع الغرقد في المدينة المنورة حيث يرقد المهاجرون و الأنصار من صحابة محمد و بعثروا رفاتهم و لقد هّم بنو القينقاع آل سعود بتدمير القبة التي تظلل وتضم جثمان صاحب الرسالة محمد بن عبد الله و نبشوا ضريحه ، لكنهم توقفوا حينما وقف الشعب و بعض العلماء الصالحين من شعبنا و من كافة البلاد الإسلامية ، و حدثت ضجة كبرى ضدهم فارتدوا على أعقابهم خاسئين ، كل ذلك بقصد أن لا يبقى أثر واحد من آثار أولئك المؤمنين الأبطال أجدادنا الذين سحقوا أجدادهم بني القينقاع و بني النضير و قريضة و أمثالهم من اليهود و من معهم ممن حاربوا رسالة محمد بالمال و شراء أشباه الرجال ، و لقد أراد آل سعود بذلك أن لا يبقى أي ذكر لتاريخنا، و أن لا يبقى للعرب من تاريخهم إلا الاسم السعودي المزيف المهين ، و لكن ما فعلوه من خراب قد عكس و كشف ما قصدوه من إزالة للتاريخ العربي و أبطاله و اثبت أنهم من اليهود الحاقدين على شعبنا مهما وضعوا لأنفسهم من " أشجار عائلية " تزعم أنهم من أصل النبي محمد بل أن تزويرهم لمثل هذه " الأشجار " العائلية يتمثل به قول الشاعر، كاد المريب أن يقول خذوني .
إن هذا التزييف نفسه يكشف أنهم من أصل يهودي ، و إلا ما معنى وضع هذه الشجرة العائلية السعودية ، إن الشعور بالجريمة ، و معرفتهم لأصلهم الحاقد هو الذي جعلهم يدفعون 35 ألف جنيه مصري للمؤرخ ، مزيف الأشجار" محمد التميمي " ليزور هذه الشجرة ، انّه ما من أحد من الناس الشرفاء و غير الشرفاء يهمه أن يعرف عن أصله أكثر من أربعة إلى أربعة عشر من أجداده ، مهما كان أصله و فصله ، بل إن النبي العربي لم يحسب له من الأجداد مثل هذا العدد الهائل الذي لفقه آل سعود ، و لم يفاخر بحسبه و نسبه و إنما كان يزجر كل من يفاخر بهذه الأنساب فيقول : " إن من يفاخرون بانسباهم ليسوا منا بل هم أحقر عندنا من رائحة الجعلان " و لم يتمكن الحسّابون أن يحسبوا لمحمد بن عبد الله أكثر من 21جدفكيف استطاع المزور محمد أمين التميمي أن يحسب أكثر من "470 جدا " لهذه العائلة السعودية و "470 جدا " للعائلة الوهابية و يجعل العائلة الوهابية و العائلة السعودية متقاربة الأصول مع بعضها و مرتبطتين بنسب النبي محمد فينسب العائلة السعودية اليهودية إلى " نزار " الجد الثامن عشر للنبي محمد بن عبد الله ، و ينسب العائلة الوهابية الواردة من تركيا إلى " الياس " الجد السادس عشر لكيلا يبتعد بهاتين الأسرتين بعيدا عن أصول النبي محمد، و لم يكن هذا المزور وحده ، فقد زور قبله و بعده آخرون ، لكنه هو واضع الشجرة التي وصل بها اسم " مرد خاي " الذي أطلق عليه اسم " مرخان بن إبراهيم ابن موسى " فوصله بأسماء كثيرة لا علاقة لآل سعود بها، منها : ربيعة ، و مانع ، و المسيب ، و المقلد ، و بدران ، و مالك ، و سالم ، و غسان ، و ربيعة ، و الحارث ، و سعد ، و همام ، و مرة ، و ذهل ، و ثعلبة ، و عكاية ، و صعب ، و بكر ، و وائل .، و وائل هذا هو الذي يدّعي المزورون أنه يجمع آل سعود بقبيلة عنزة ، ثم بعد ذلك : قاسط ، و هنب ، و دعمي ، و جديلة ، و أسد ، و ربيعة ، ثم " نزار" الجد الثامن عشر للنبي محمد، و حفيد عدنان ، و هكذا سلكت العائلة الوهابية نفس المسلك في الشجرة السعودية المزورة إذ قال المزّور نفسه ، أنها تلتقي مع آل سعود في نسب النبي محمد من خلال جد النبي السادس عشر المزعوم " الياس بن مضر بن نزار " بل أن العائلة الوهابية قد سبقت آل سعود بجدين اثنين نحو النبي محمد حسبما جاء بالتاريخ المزيف ، و هل " مردخاي " أو " مرخان " لا فرق ، هو اسم يهودي ؟ هل سمع بتاريخ الأسماء العربية كلها باسم كهذا؟ ثم يليه اسم : إبراهيم و موشى .، و اسم " مرخان / مرد خاي " قد فات على من زورا شجرة آل سعود حذفه ليثبت بالعقل تزويرهم .
. دمر آل سعود بقيع الغرقد في المدينة المنورة حيث يرقد المهاجرون و الأنصار من صحابة محمد و بعثروا رفاتهم و لقد هّم بنو القينقاع آل سعود بتدمير القبة التي تظلل وتضم جثمان صاحب الرسالة محمد بن عبد الله و نبشوا ضريحه ، لكنهم توقفوا حينما وقف الشعب و بعض العلماء الصالحين من شعبنا و من كافة البلاد الإسلامية ، و حدثت ضجة كبرى ضدهم فارتدوا على أعقابهم خاسئين ، كل ذلك بقصد أن لا يبقى أثر واحد من آثار أولئك المؤمنين الأبطال أجدادنا الذين سحقوا أجدادهم بني القينقاع و بني النضير و قريضة و أمثالهم من اليهود و من معهم ممن حاربوا رسالة محمد بالمال و شراء أشباه الرجال ، و لقد أراد آل سعود بذلك أن لا يبقى أي ذكر لتاريخنا، و أن لا يبقى للعرب من تاريخهم إلا الاسم السعودي المزيف المهين ، و لكن ما فعلوه من خراب قد عكس و كشف ما قصدوه من إزالة للتاريخ العربي و أبطاله و اثبت أنهم من اليهود الحاقدين على شعبنا مهما وضعوا لأنفسهم من " أشجار عائلية " تزعم أنهم من أصل النبي محمد بل أن تزويرهم لمثل هذه " الأشجار " العائلية يتمثل به قول الشاعر، كاد المريب أن يقول خذوني .
إن هذا التزييف نفسه يكشف أنهم من أصل يهودي ، و إلا ما معنى وضع هذه الشجرة العائلية السعودية ، إن الشعور بالجريمة ، و معرفتهم لأصلهم الحاقد هو الذي جعلهم يدفعون 35 ألف جنيه مصري للمؤرخ ، مزيف الأشجار" محمد التميمي " ليزور هذه الشجرة ، انّه ما من أحد من الناس الشرفاء و غير الشرفاء يهمه أن يعرف عن أصله أكثر من أربعة إلى أربعة عشر من أجداده ، مهما كان أصله و فصله ، بل إن النبي العربي لم يحسب له من الأجداد مثل هذا العدد الهائل الذي لفقه آل سعود ، و لم يفاخر بحسبه و نسبه و إنما كان يزجر كل من يفاخر بهذه الأنساب فيقول : " إن من يفاخرون بانسباهم ليسوا منا بل هم أحقر عندنا من رائحة الجعلان " و لم يتمكن الحسّابون أن يحسبوا لمحمد بن عبد الله أكثر من 21جدفكيف استطاع المزور محمد أمين التميمي أن يحسب أكثر من "470 جدا " لهذه العائلة السعودية و "470 جدا " للعائلة الوهابية و يجعل العائلة الوهابية و العائلة السعودية متقاربة الأصول مع بعضها و مرتبطتين بنسب النبي محمد فينسب العائلة السعودية اليهودية إلى " نزار " الجد الثامن عشر للنبي محمد بن عبد الله ، و ينسب العائلة الوهابية الواردة من تركيا إلى " الياس " الجد السادس عشر لكيلا يبتعد بهاتين الأسرتين بعيدا عن أصول النبي محمد، و لم يكن هذا المزور وحده ، فقد زور قبله و بعده آخرون ، لكنه هو واضع الشجرة التي وصل بها اسم " مرد خاي " الذي أطلق عليه اسم " مرخان بن إبراهيم ابن موسى " فوصله بأسماء كثيرة لا علاقة لآل سعود بها، منها : ربيعة ، و مانع ، و المسيب ، و المقلد ، و بدران ، و مالك ، و سالم ، و غسان ، و ربيعة ، و الحارث ، و سعد ، و همام ، و مرة ، و ذهل ، و ثعلبة ، و عكاية ، و صعب ، و بكر ، و وائل .، و وائل هذا هو الذي يدّعي المزورون أنه يجمع آل سعود بقبيلة عنزة ، ثم بعد ذلك : قاسط ، و هنب ، و دعمي ، و جديلة ، و أسد ، و ربيعة ، ثم " نزار" الجد الثامن عشر للنبي محمد، و حفيد عدنان ، و هكذا سلكت العائلة الوهابية نفس المسلك في الشجرة السعودية المزورة إذ قال المزّور نفسه ، أنها تلتقي مع آل سعود في نسب النبي محمد من خلال جد النبي السادس عشر المزعوم " الياس بن مضر بن نزار " بل أن العائلة الوهابية قد سبقت آل سعود بجدين اثنين نحو النبي محمد حسبما جاء بالتاريخ المزيف ، و هل " مردخاي " أو " مرخان " لا فرق ، هو اسم يهودي ؟ هل سمع بتاريخ الأسماء العربية كلها باسم كهذا؟ ثم يليه اسم : إبراهيم و موشى .، و اسم " مرخان / مرد خاي " قد فات على من زورا شجرة آل سعود حذفه ليثبت بالعقل تزويرهم .
7
سأختم هنا بنص رسالة بعثها فيصل بن عبد العزيز إلى الرئيس الأمريكي جونسون بتاريخ 27 ديسمبر 1966 الموافق 15 رمضان 1386 كما حملت رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودي لنبين حقارة ذلك النظام الذي ضرب العروبة و دول جواره في مقتل و تآمر كثيرا لتهويد المنطقة و مازال يزعزع مع حلفائه الجدد من حكام الدول العربية في هوية و انتماء الشعوب ثقافيا و عقليا لنصل كشعوب لمرحلة من التدنّي الخلقي و الفكري .
و إليكم نص الوثيقة كما ذكرها كتاب " عقود من الخيبات " للكاتب حمدان حمدان :
من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس ، و مما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعا ، و أن هذا العدو إن ترك يحرض و يدعم الأعداء عسكريا و إعلاميا ، فلن يأتي عام 1970 كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت ، و عرشنا و مصالحنا في الوجود .
لذلك فأنني أبارك ، ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا ، أن اقترحوه ، لأتقدم بالاقتراحات التالية : -
· أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي به على أهم الأماكن حيوية في مصر ، لتضطرها بذلك ، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد على و عبد الناصر في وحدة عربية . بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة ، لا في مملكتنا فحسب ، بل و في البلاد العربية و من ثم بعدها ، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر و شبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول " أرحموا شرير قوم ذل " و كذلك لاتقاء أصواتهم الكريهة في الإعلام .
· سوريا هي الثانية التي لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم ، مع اقتطاع جزء من أراضيها ، كيلا تتفرغ هي الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر .
· لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية و قطاع غزة ، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك ، و حتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، و حينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية .
· نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازاني شمال العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أي حكم في بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل ، علما بأننا بدأنا منذ العام الماضي " 1965 " بإمداد البرازاني بالمال و السلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران .
يا فخامة الرئيس . إنكم و نحن متضامين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه .
أخيرا .
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة ، و للولايات المتحدة من نصر و سؤدد و لمستقبل علاقتنا ببعض من نمو و ارتباط أوثق و ازدهار .
المخلص
فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
ــــ
و لن أعلق على ما جاء في الوثيقة فهي خير تعبير عما يمكن أن يُقال عن عائلة العملاء .
ـــــــــ
مراجع و مصادر :
ابن سعود ، لزلي ماكلوغان
قيام العرش السعودي ، ناصر الفرج
بريطانيا و ابن سعود ، محمد علي سعيد
عقود من الخيبات ، حمدان حمدان
مذكرات جون فليبي
تاريخ آل سعود ، ناصر السعيد
الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية ، نجدة صفوت
إمارة آل الرشيد ، مضاوي الرشيد
مسائلة الدولة السعودية ، مضاوي الرشيد
مذكرات همبر عن الوهابية
أعمدة الحكم السبعة ، مذكرات اللورد لورنس
تاريخ ابن بشر
ـــــ
الصورة المرفقة : أمير حائل عبد العزيز المتعب الرشيد
تاريخ ال سعود تاريخ اسود من الظلام. ظالم ومظلم , وجاهل ومتخلف.
ردحذف