يناير 20، 2010

Relativity Part 1


النظرية النسبية و قانون الطبيعة
نظرية النسبية لألبرت آينشتاين أو ما يدعى اختصارا النسبية ، مصطلح يشير لاثنتين من أهم النظريات الفيزيائية في العصر الحديث أسهم بهما بشكل خاص الفيزيائي ألبرت أينشتاين ، إضافة لهنري بوانكاريه الذي يعتبر أحد واضعي النسبية الخاصة .
النسبية نظرية فيزيائية للعالم الألماني أينشتاين ، استولت على خيال الشخص العادي أكثر من أي نظرية فيزيائية أخرى في التاريخ . و مع ذلك فإن نظرية النسبية ، على عكس الكثير من نظريات الفيزياء ، لا يمكن أن يفهمها الشخص العادي بسهولة . فنحن لا نستطيع أن نفهم هذه النظرية تمامًا إلا بوساطة الصيغ الرياضية التي تعبّر عنها . و بغير الرياضيات لا تستطيع إلا التعبير عن بعض أفكارها الأساسية و كذلك اقتباس بعض مستنبطاتها دون إثبات .
و هذه النظرية خاصة بالكون ، فهي تتناول معظم الأفكار الأساسية التي نستخدمها لوصف الأحداث الطبيعية . و هذه الأفكار تختص بالزمن و الفضاء و الكتلة و الحركة و الجاذبية الأرضية . و تعطي هذه النظرية معاني جديدة للأفكار القديمة التي تمثلها هذه الكلمات . و تتألف النظرية من جزئين رئيسيين : الأول نظرية النسبية الخاصة ، أو المقيدة ، التي نشرها أيْنشتاين عام 1905م . أما الثاني فهو نظرية النسبية العامة التي قدمها أيْنشتاين عام 1915م .
النظرية النسبية الخاصة
تسمى هذه النظرية بنظرية النسبية الخاصة لأنها تشير إلى نوع خاص من الحركة ، و هي الحركة المنتظمة في خط مستقيم ، أي بسرعة اتجاهية ثابتة . فإذا افترضنا أننا داخل قطار يسير بسرعة اتجاهية ثابتة ، ففي هذا القطار يمكن أن تسقط كتابًا أو تقذف كرة أو تترك بندولاً يتذبذب بحرية . سيبدو الكتاب عند سقوطه كما لو كان يسقط رأسيًا إلى أسفل وستنتقل الكرة مباشرة من القاذف إلى المتلقي . كل هذه الأنشطة يمكن أن تتم بالطريقة نفسها وبالنتيجة نفسها بوساطة أناس يقفون ساكنين على الأرض خارج القطار . و مادام القطار يجري بسلاسة و بسرعة اتجاهية ثابتة فلن تتأثر أنشطتنا الميكانيكية بحركته .
و من ناحية أخرى إذا توقف القطار أو تزايدت سرعته فجأة ، فإن أفعالنا الميكانيكية يمكن أن تتغير . فالكتاب يمكن أن يسقط دون أن يتعمد أحد إسقاطه ، و سوف تنتقل الكرة بصورة مخالفة لما سبق .
و إحدى طرق التعبير عن مبدأ هذه النظرية هو القول بأن قوانين الميكانيكا لملاحظ يركب قطارًا يسير بسرعة ثابتة هي نفسها لملاحظ موجود عند موقع ثابت على الأرض . أما علماء الفيزياء فيقولون إذا ما تحرك نظامان بسرعة ثابتة بالنسبة لبعضهما ، فإن قوانين الميكانيكا لكل من النظامين تكون واحدة . و قد يطلق على هذا المبدأ مبدأ النسبية الكلاسيكي . و هذا المبدأ قديم قدم نظريات الميكانيكا و الفيزياء .
فإذا افترضنا أن هناك قطارًا طويلاً يشبه قطار المثال السابق ، و لكن بدلاً من سيره بسرعة منتظمة عادية ، فإنه يسير بسرعة منتظمة مقدارها 32,000 كم/الثانية ، و بدلاً من افتراض وجود شخصين يلعبان الكرة في القطار فإننا سنفترض وجود هوائي راديو على القطار يرسل موجات راديوية ، أو وجود مصباح كهربائي يرسل إشارات ضوئية . و سنفترض كذلك أن هناك مشاهدين داخل القطار يقومون بقياس سرعة الموجات الراديوية و الإشارات الضوئية . أما على الأرض فسيكون في مثالنا أيضًا هوائي راديو ، و مصباح كهربائي وملاحظون يقيسون سرعة الإشارات . هل تكون سرعة الموجات الراديوية أو الإشارات الضوئية التي يقيسها راكبو القطار هي نفسها التي يقيسها الملاحظون الموجودون على الأرض ؟ لو سألنا هذا السؤال لعلماء الفيزياء في القرن التاسع عشر الميلادي لقالوا لا . و لقالوا أيضًا أن مبدأ النسبية التقليدي ينطبق على الأفعال الميكانيكية وليس على الموجات الكهرومغنطيسية .
و ربما قال عالم فيزياء إن الموجات الراديوية و موجات الضوء تنتقل خلال الأثير بسرعة تبلغ 299,792كم/الثانية . و الأثير هو مادة تخيل العلماء أنها تملأ كل الفضاء . و لقال علماء الفيزياء إن النجوم و الشمس و الكواكب و كذلك قطارنا التخيلي تتحرك خلال بحر الأثير بسرعات مختلفة . و هكذا تختلف سرعة الضوء التي يقيسها ملاحظ موجود على الشمس عن تلك التي يقيسها ملاحظ موجود على الأرض أو داخل قطار متحرك . و بالتالي فإن سرعة الضوء لملاحظ موجود على سطح الأرض سوف تتغير نتيجة لتغيير سرعة الأرض خلال العام بينما تكمل رحلتها حول الشمس .
تبنى علماء ذلك الزمان النظرية التي تنص على أن الأثير الذي تتحرك خلاله كل الأشياء في الكون حسب اعتقادهم هو إطار إسنادي غير متحرك . و بالتالي يتم الحكم على كل الحركات الأخرى بالنسبة لهذا الإطار الإسنادي . و قد كان التصور أن الأثير هو مائع أو صلب مرن ، أو أنه يملأ كل الفراغ الموجود بين الذرات التي تكوِّن المواد . و أنه لا يقاوم مطلقًا حركة الأرض .
و كانت أشهر تجربة من التجارب العديدة التي ساعدت على هدم نظرية الأثير ، تلك التي وضعها مايكلسون ومورلي في عام 1887م . فعند قياسهما لسرعة الضوء وجدا أنها لا تتأثر مطلقًا بحركة الأرض حول الشمس . و على هذا فإن للضوء سرعة ثابتة مهما كان الإطار الإسنادي . و قد بدت هذه النتيجة العملية لتجربة مايكلسون ومورلي غريبة بعض الشيء حيث إننا نتوقع أن السرعة المقيسة لشيء متحرك تعتمد على السرعة التي يتحرك بها الراصد .
و قد أكد أيْنشتايْن أن مبدأ النسبية ينطبق على كل الظواهر الميكانيكية أو الكهرومغنطيسية . و في قول آخر لا يوجد هناك إطار إسنادي خاص أو غير متحرك للظواهر الكهرومغنطيسية .توجد الأفكار الأساسية لنظرية النسبية الخاصة في الصياغة الرياضية لفرضين . الأول هو صلاحية مبدأ النسبية لجميع الظواهر . و الفرض الثاني هو أن سرعة الموجات الكهرومغنطيسية أو الضوء في الفضاء الفارغ ثابتة و لا تعتمد على سرعة مصدرها أو سرعة الراصد .
و قد تم التوصل بوسائل رياضية إلى الاستنتاجات التالية من هذين الفرضين :
ـ بناءً على نظرية النسبية الخاصة لا يستطيع جسم مادي التحرك إلا بسرعة أقل من سرعة الضوء .
ـ إذا قارن شخص في قطار متحرك سرعة ساعة القطار بالساعات المتعددة الموجودة في المحطات التي مر بها فسوف يجد أن إيقاع ساعة القطار أسرع من إيقاع الساعات الموجودة على الأرض . و من الناحية الأخرى تبدو ساعات المحطة لِنُظّارها أسرع إيقاعًا من ساعة القطار الذي يمر بها . هذا التأثير ضئيل ويمكن ملاحظته فقط إذا لم تكن سرعة القطار أقل كثيرًا من سرعة الضوء .
ـ إذا وقعت حادثتان في وقت واحد بالنسبة لراصد داخل القطار فإنهما لاتكونان آنيتين بالنسبة لراصد فوق الأرض .
ـ طول أي شيء مستقر داخل القطار يبدو لراصد على الأرض كما لو كان قد قَصُر في الاتجاه الذي يتحرك فيه القطار .
ـ ربما كان أهم هذه الاستنتاجات هو أن الكتلة قابلة للتغير : كتلة كل جسم تزداد بزيادة سرعته . فمن الناحية النظرية تصبح كتلة جسم متحرك لانهائية إذا ساوت سرعته سرعة الضوء . و قد تم التأكد من هذه الحقيقة من خلال التجارب . فقد وُجد أنه إذا ما وصلت سرعة جسيم إلى 86% من سرعة الضوء فإن كتلته تصبح ضعف كتلته عندما يكون في حالة السكون .
و تبين النظرية أيضًا أن العلاقة بين كتلة جسيم وطاقته هي ط = ك ث² [ الطاقة = الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء ] أي أن طاقة الجسيم تساوي كتلته مضروبة في مربع سرعة الضوء . و لهذه العلاقة أهمية عملية بالغة فيما يختص بتحرير الطاقة من نواة الذرة . فعندما تتحرر طاقة من نواة ذرة اليورانيوم مثلاً تتكون ذرات عناصر أخرى ، و تكون الكتلة الكلية لهذه الذرات أقل من كتلة ذرة اليورانيوم . و هذا يعني أن جزءًا من نواة ذرة اليورانيوم قد تحوَّل إلى طاقة .
و يبين القانون ط = ك ث² أن مقدار الطاقة الموجودة في نواة ذرة يورانيوم واحدة = 220,000,000,000 الكترون فولت ، إذا ما تم تحويل كل كتلتها إلى طاقة . و يؤدي انشطار نواة ذرة اليورانيوم إلى تحرير 0,1% فقط من الطاقة الكلية المختزنة في النواة . و لكن هذه الكمية تزيد على الطاقة التي تتحرر نتيجة لحرق كمية مماثلة من الوقود الكيميائي بمليون ضعف .و قد ساهمت تجارب متباينة في إثبات صحة الكثير من الاستنتاجات المتعلقة بالنسبية . ففي عام 1938م ، استخدم آيفز ذرة هيدروجين كساعة متحركة . و وجد أن إيقاع تذبذب ذرة هيدروجين متحركة بسرعة عالية يقل عما لو كانت ساكنة . و ينطبق هذا تمامًا مع ماتوقعه أيْنشتاين بالنسبة لساعة حائط متحركة . و يظهر هذا التباطؤ كتغير في تردد خط الطيف لها . و يلاحظ تغير الكتلة المتوقع حسب النظرية النسبية الخاصة في المُعَجِّلات . و هي آلات تستخدم في تعجيل الإلكترونات و الجسيمات النووية الأخرى إلى السرعات العالية اللازمة لدراسة الخواص النووية .
و قد وضع عالم الرياضيات منكوفسكي صيغة رياضية معينة للنظرية النسبية في عام 1907م . فالخط المستقيم له بعد واحد فقط . و نستطيع أن نوقع أي نقطة على شريحة من الورق بقياس بُعد هذه النقطة عن أي جانبين متعامدين من جوانب الشريحة . و لذلك نستطيع أن نقول إن أي نقطة من نقط الشريحة لها بعدان . أما كل النقط في الفضاء فلها ثلاثة أبعاد : ارتفاع ، طول ، و عرض . و لكن هناك حقيقةً واحدةً أخرى مهمة . ففي الفيزياء كما في التاريخ نتعامل مع أحداث . متى و أين بدأت الثورة الفرنسية على سبيل المثال ؟. متى و أين يصبح للأرض أقل سرعة دوران حول الشمس ؟ . فينبغي أن يعبر عن الأحداث بأربعة أعداد و ليس بثلاثة . و يؤدي هذا إلى فكرة البعد الرابع . ثلاثة من هذه الأبعاد تجيب عن السؤال أين ؟ و يتولى البعد الرابع الإجابة عن السؤال متى ؟ و تتطلب الإجابة عن السؤال " متى ؟ " استخدام فكرة الزمن كبعد رابع ، و من ثم ، فينبغي أن يكوك التعبير عن الأشياء بأربعة أبعاد ، و تصبح الإجابة عن السؤال أين وقعت حادثة ما و متى ؟ أكثر صعوبة حسب نظرية النسبية الخاصة نظرًا لأن القضبان على سبيل المثال تتغير أطوالها ، و كذلك الساعات يتغير إيقاعها تبعًا للسرعة التي تتحرك بها أثناء عملها . و على هذا لابد أن نجيب عن السؤالين أين ؟ ومتى ؟ بالنسبة لحادثة معينة بدلالة نظام متحرك محدد ، أو بدلالة العلاقات بين نظامين متحركين . فعلى سبيل المثال لو عرفنا متى و أين وقعت حادثة لمراقب موجود على قطارنا المتحرك بسرعة ، و إذا عرفنا سرعة القطار فإننا نستطيع معرفة متى و أين وقعت الحادثة نفسها بالنسبة لمراقب على سطح الأرض . و يرينا الشكل الرياضي لنظرية النسبية الخاصة كيف نجد هذه الأعداد الأربعة التي تفرق حادثة ما في نظام واحد عن حادثة مماثلة في نظام آخر . و يرينا أن السؤال متى ؟ ليس له معنى مطلق لإن الإجابة عنه تعتمد على النظام الذي نختاره .
النظرية النسبية العامة
العلاقات الرياضية التي تعبر عن هذه النظرية أكثر تعقيدًا من تلك التي تعبر عن النسبية الخاصة . و تغير نظرية النسبية العامة المفاهيم القديمة عن الجاذبية التي سيطرت على العلوم الفيزيائية منذ عصر إسحق نيوتن . و حسب ما قاله إسحق نيوتن فإن قوة جذب أي جسمين تعتمد على كتلة كل من الجسمين والمسافة بينهما . و تأثير جاذبية نجم يمكن أن نحس به في اللحظة نفسها خلال الفضاء كله رغم أن قيمة هذه الجاذبية تتناقص كلما زاد البعد عن النجم . أما بالنسبة للموجات الكهرومغنطيسية فإنها تنتشر في الفضاء بسرعة عظيمة و لكنها ثابتة القيمة إلى أبعد الحدود و هذه السرعة هي سرعة الضوء . و بسبب معرفتنا للإشعاع الكهرومغنطيسي فنحن نميل إلى رفض فكرة انتقال الأفكار و الأحداث خلال الفضاء بسرعة غير محدودة . و نميل إلى الاعتقاد بأن هذه الاضطرابات و التأثيرات تنتقل بسرعة بالغة العظم إلا أن هذه السرعة محدودة القيمة .
و قد بين أيْنشتاين الأفكار الأساسية لنظرية النسبية العامة من خلال تجربة تخيلية . فإذا افترضنا مصعدًا ساكنًا في الفضاء وأطلقت كرة بداخله فإن هذه الكرة لن تسقط بل ستصبح عائمة في الفضاء . فإذا تسارع هذا المصعد إلى أعلى فإن مراقبًا داخل المصعد سيرى الكرة تهبط إلى أسفل كما لو كانت تحت تأثير الجاذبية .
و تبدو الكرة و كأنها تسقط إلى أسفل لأن أرضية المصعد تبدو للناظر من خارج المصعد كأنها تتسارع إلى أعلى نحو الكرة المعلقة في الفضاء . و هكذا تبدو كل التأثيرات المرتبطة بالجاذبية للمراقب الموجود داخل المصعد . و قد أطلق أيْنشتاين على هذه الظاهرة مبدأ التكافؤ . و ينص هذا المبدأ على أنه لا يوجد فرق بين تأثُّر جسم بقوة جاذبية أو بوجوده داخل إطار إسنادي متسارع . فالنتيجة في كلتا الحالتين واحدة . و توصل أيْنشتاين من خلال هذا المبدأ إلى أن المادة الموجودة في الفضاء تشوِّه أو تسبب انحناء الإطار الإسنادي في الفضاء . و نتيجة هذا الانحناء هي ما يسمى بالجاذبية . و لا تستطيع الهندسة الإقليدية " المستوية " وصف فضاء منحن . و لذلك استخدم أيْنشتاين هندسة غير الهندسة الإقليدية تسمى هندسة ريمان .
و حسب نظرية نيوتن فإن سبب دوران كوكب ما حول الشمس هو قوة الجاذبية التي تؤثر فيها الشمس . أما حسب نظرية النسبية العامة فإن الكوكب يختار أقصر مسار ممكن خلال العالم رباعي الأبعاد و يتغير شكل هذا المسار في وجود الشمس . و يمكن مقارنة هذا الأمر بحقيقة اتخاذ أي سفينة أو طائرة تعبر المحيط مسارًا دائريًا بدلاً من الخط المستقيم للانتقال بين نقطتين من خلال أقصر مسافة و بالطريقة نفسها تنتقل الكواكب و أشعة الضوء في العالم رباعي الأبعاد متخذة المسار الأقصر .
و قد تم حتى الآن التوصل إلى ثلاثة اكتشافات حظيت منها نظرية أيْنشتاين العامة للنسبية بتأييد تجريبي لتنبؤات تختلف فيها مع نظريات نيوتن . و رغم أن هذه الاختلافات ليست كبيرة ، لكنها مقيسة . و يؤدي تطبيق نظرية نيوتن إلى التوصل إلى أن مدار كوكب عطارد حول الشمس هو قطع ناقص بينما حسب النظرية العامة للنسبية فإن مدار هذا الكوكب حول الشمس هو أيضًا قطع ناقص . و لكن هذا القطع الناقص يدور ببطء شديد في اتجاه حركة هذا الكوكب . و يدور هذا القطع الناقص بمقدار 43 ثانية قوسية في كل قرن " الدورة الكاملة تحتوي على 360° أي 360 ×60× 60 ثانية قوسية " . و هذا التأثير بالغ الصغر ولكن تمت ملاحظته . و عطارد هو أقرب الكواكب إلى الشمس وسيكون التأثير النسبي أقل كثيرًا بالنسبة للكواكب الأخرى .
و إذا أخذنا صورة لجزء من السماء أثناء كسوف الشمس و بالقرب من الشمس المنكسفة ، ثم أخذنا صورة أخرى للجزء نفسه من السماء بعد ذلك بقليل فإن الصورتين لن تبينا الأوضاع نفسها لكل النجوم . و يفسر ذلك حسب النظرية العامة للنسبية بأن شعاع الضوء المنبعث من نجم ما و المار بالقرب من حافة الشمس ينحرف عن مساره الأصلي بسبب منحنيات الجاذبية الشمسية في الفضاء . و تأثير الجاذبية في الضوء هو سبب عدم رؤية الثقوب السوداء . فجاذبية الثقب الأسود تكون بالغة العظم بحيث تمنع الضوء من الهروب من أسرها .
و لقد عرف علماء الفيزياء من مئات السنين أن بعض العناصر عندما تسخن إلى درجة التوهج تعطي خطوط طيف منتظمة " خطوطًا ملونة " و يمكن فحص تلك الخطوط بوساطة المطياف . و حسب نظرية أينشتاين يزداد الطول الموجي لضوء منبعث من جسم ما بسبب الجاذبية . و ينتج عن ذلك إزاحة لخطوط الطيف نحو النهاية الحمراء للطيف . و تسمى هذه الإزاحة بالإزاحة الحمراء التجاذبية . فإذا فحصنا خطوط الطيف لعنصر على أرضنا هذه و قارناها بخطوط الطيف التي يعطيها العنصر نفسه إذا ما وجد على الشمس أو على نجم من النجوم ، فإن خطوط الطيف الأخيرة ستكون إزاحتها نحو الأحمر أكثر قليلاً من الأولى . و قد أكدت التجارب هذه الحقيقة . ففي عام 1960م اكتشف العالمان الأمريكيان باوند و رِبْكا الإزاحة الحمراء الناتجة عن مجال الجاذبية الأرضية . و قاما بقياس تأثير الارتفاع عن سطح الأرض على تردد أشعة جاما . و يقوم كثير من العلماء بإجراء أبحاث عن النظرية النسبية العامة و دراسة إمكانية إدخال تحسينات على هذه النظرية . فعلى سبيل المثال تشير النظرية العامة إلى وجود موجات تجاذبية تحمل قوة الجاذبية كما تحمل الموجات الكهرومغنطيسية الضوء . و لم يمكن بعدُ من خلال التجارب التوصل إلى كشف مثل هذه الموجات التجاذبية . كذلك يحاول العلماء جمع قوى الجاذبية و القوى الكهرومغنطيسية في نظرية واحدة تسمى نظرية المجال الموحدة .
النسبية و أفكار أخرى
تُكوّن أفكار النظرية النسبية إطار عمل يمكن أن يحتضن كل قوانين الطبيعة . و لقد غيرت النسبية كل المفاهيم الفلسفية و الفيزيائية عن الفضاء و الزمن . و قد أثرت في تصوراتنا و أحاسيسنا الحدسية عن العوالم البعيدة و النجوم و كذلك عن عالم الذرة الدقيق . و مازال بعض هذه الشكوك أو التساؤلات موجودًا . و مثال ذلك التساؤل : هل كوننا ككل يمثل سطحًا مستويًا أو سطحًا كرويًا . فما زال من غير الممكن الإجابة عن هذا السؤال لأن هناك الكثير من النظريات المختلفة و الكثير من عدم الوضوح حول توزيع المادة في الكون .
و تحاول كل النظريات وصف الكون ككل و تعتمد في ذلك على المبادئ الرياضية للنسبية العامة . فحسب بعض النظريات فإن شعاعًا ضوئيًا منبعثًا من نقطة اختيارية في الفضاء يعود بعد زمن طويل جدًا إلى نقطة مغادرته ، مثله في ذلك مثل مسافر في رحلة حول أرضنا . فإذا بدأت رحلة من منزلك خلال الفضاء في خط مستقيم فسوف تعود مستقبلاً إلى النقطة التي بدأت منها . و حسب نظريات أخرى فإن الضوء أو المسافر سوف يستمر في رحلة لا نهاية لها خلال الفضاء لو اتخذ مسارًا مستقيمًا .
و رغم كل ما حققته نظرية النسبية من نجاح فإنه من غير الصحيح القول بأن الفيزياء النيوتونية خاطئة . فالفيزياء النيوتونية تنطبق عندما تكون سرعة الأشياء محل الدراسة صغيرة بالنسبة لسرعة الضوء . و مثل هذه الأشياء نقابلها كل يوم في حياتنا الخاصة . و على هذا يمكن تطبيق الفيزياء التقليدية على مشاكلنا اليومية ، و قد وجد علماء الفلك أن نظرية نيوتن عن الجاذبية توافق حساباتهم . و لكن نظرية النسبية وضعت حدًا للمساحة التي يمكن فيها تطبيق الفيزياء النيوتنية بنجاح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق